للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما جوهر الخلاف بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين العرب، فهو أنهم يشوبون إيمانهم وتوحيدهم بالشرك؛ لاعتقادهم أن تلك الأصنام تقربهم إلى الله زلفى، ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} .

واستعمال الجاهليين لاسم الجلالة، يشير إلى أنهم كانوا ينظرون إليه نظرة المسلمين، أي: إنه كان اسم علم خاص بالجلالة، فهو مقابل "يهوه" عند العبرانيين, ومنا هنا عبر عنه بإله واحد، وهو اسم مفرد ليس له جمع؛ لأنه إله واحد. أما لفظة "إله" فإنها تعبر عن مفرد له جمع، هو "آلهة", والإله في مقابل "إيلوهيم Elohim" عند العبرانيين.

وسنعرض فيما يلي لبعض مظاهر التوحيد في شعر الحجازيين:

القسم بالله:

كان الحجازيون -كالعرب- يقسمون بالله. قال ذو الإصبع العدواني:

والله لو كرهت كفي مصاحبتي ... لقلت إذ كرهت قربي لها بيني

وقال زهير:

فوالله إنا والأحاليف هؤلا ... لفي حقبة أظفارها لم تقلم

وقالوا في قسمهم: تالله ولعمر الله. قال الشاعر:

تالله ذا قسما لقد علمت ... ذبيان عام الحبس والأصر

وقال:

تعلماها لعمر الله ذا قسما ... فاقصد بذرعك وانظر أين تنسلك؟

ويرى النابغة أن القسم بالله ما بعده قسم:

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مذهب

وحلفوا برب الكعبة. قال النابغة أيضا:

فلا، لعمر الذي مسحت كعبته ... وما هريق على الأنصاب من جسد

ما قلت من سيء مما أتيت به ... إذن، فلا رفعت سوطي إلى يدي

<<  <   >  >>