للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦- القصص الديني:

ويتميز الشعر الحجازي الجاهلي بالقصص الديني، ورائد هذا اللون الذي كاد يختص به هو أمية بن أبي الصلت، ويمكن أن نقسم قصص أمية الديني من حيث قيمته الفنية, وتأثره بالقرآن أو عدم تأثره إلى الألوان الآتية:

أ- لون يبدو أنه لم يتأثر فيه بالقرآن الكريم، والراجح أنه نظمه قبل الإسلام. وتظهر فيه قوة الأداء كخرافة تطويق الحمامة التي كانت سببا في نجاة سفينة نوح, أو دلت من بها على اليابسة وهي التي يقول فيها:

وأرسلت الحمامة بعد سبع ... تزل على المهالك لا تهاب

فجاءت بعد ما ركدت بقطف ... على الثأط والطين الكثاب١

فلما فتشوا الآيات صاغوا ... لها طوقا كما عقد السخاب٢

إذا ماتت تورثه بنيها ... وإن تقتل فليس له استلاب

جزى الله الأجل المرء نوحا ... جزاء البر ليس له كذاب

بما حملت سفينته وأنجت ... غداة أتاهم الموت القلاب٣

وفيها من أرومته عيال ... لديه لا الظماء ولا السغاب

ومثلها في القوة وعدم الاستعانة بالقرآن قصيدته في "قنزعة الهدهد" وستقرؤها في ترجمته.

ب- ولون آخر يبدو فيه الحشو والتفكك والابتذال وسوء المحاكاة, كقصته في الذبيح حين همّ إبراهيم بذبح ولده, ففداه الله بذبح عظيم. وفيها يقول:

أبني إني نذرتك لله ... شحيطا فاصبر فدى لك خالي


١ الثأط: الحمأ. والكثاب: الأسود.
٢ السخاب ككتاب: عقد من قرنفل, أو غيره لا جوهر فيه.
٣ الموت القلاب: الناشئ من داء في القلب.

<<  <   >  >>