للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورد عليه عبد الله يتغزل بليلى أخت قيس:

أشافتك ليلى في الخليط المجانب ... نعم فرشاش الدمع في الصدر غالبي

وبين حسان وقيس بن الخطيم حدث شيء من هذا؛ فإن حسانا في معرض فخره على الأوس تغزل بليلى أخت قيس:

لقد هاج نفسك أشجانها ... وعاودها اليوم أديانها

تذكرت ليلى وإني بها ... إذا قطعت منك أقرانها

وحجل في الدار غربانها ... وخف من الدار سكانها

وغيرها معصرات الرياح ... وسح الجنوب وتهتانها

مهاة من العين تمشي بها ... وتتبعها ثم غزلانها

وقفت عليها فساءلتها ... وقد ظعن الحي ما شانها

فعيت وجاوبني دونها ... بما راع قلبي أعوانها

فلم يسكت قيس على هذا النيل الجارح، ورد على خصمه يتغزل بزوجته عمرة:

أجد بعمرة غنيانها ... فتهجر أم شأننا شأنها

وإن تمس شطت بها دارها ... وباح لك اليوم هجرانها١

ولهذا النوع من الغزل خطره الشديد على نفوس الحجازيين, ويرون فيه إهانة بالغة قد يحتاجون في غسلها إلى الدم، فإن كعب بن الأشرف اتخذ من الغزل الكيدي وسيلة إلى تجريح المسلمين والتندر عليهم والتعريض بهم، فها هو ذا يتغزل بأم الفضل بنت الحارث, فيعجب كيف يرحل ويتركها في المدينة رغم أنها منعمة مرفهة ممتلئة, وهي شريفة في قومها وأبوها رأس العشيرة, وهي جميلة تشرق كالشمس:

أراحل أنت لم تحلل بمنقبة ... وتارك أنت أم الفضل بالحرم

صفراء رادعة لو تعصر انعصرت ... من ذي القوارير والحناء والكتم

يرتج ما بين كعبيها ومرفقها ... إذا تأتت قياما ثم لم تقم


١ الأغاني ٣/ ١٢.

<<  <   >  >>