للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلالات العربية القديمة في المدينة:

أما المدينة، فيقال: إن أول من نزلها هم العمالقة١، ثم هاجرت إليها سلالات من اليهود من فلسطين بعد هجوم الدولة الرومانية على بلاد فلسطين في القرن الأول قبل الميلاد. ثم بعد حرب اليهود والرومان عام ٧٠م، هذه الحرب التي انتهت بخراب فلسطين وبتشتيت اليهود في أصقاع العالم، وقد تكاثر عدد اليهود والنازحين منهم إلى المدينة، وظهر منهم عدة قبائل، أشهرها: قريظة والنضير. ثم نزل المدينة بعد ذلك، إثر سيل العرم، الأوس والخزرج، واستوطنوها، وأقاموا مع اليهود، وعاشوا في ضنك وإذلال من اليهود، وكان على اليهود رئيس مستبد، استبد بالنازحين، فاستجاروا بالتبابعة في رواية، وبالغساسنة في رواية أخرى فجاءوا لنصرتهم. فكانت بين الفريقين حرب انتهت بقتل زعماء اليهود وأشرافهم، وأصبح الأوس والخزرج بعد ذلك أعز أهل المدينة، وتحالفوا مع اليهود، ثم دبّ الخلاف بين الأوس والخزرج، وتنازعوا الشرف والسيادة. وقامت بينهم حروب وأيام طاحنة، من أشهرها: يوم بعاث، ويوم سمير، ويوم حاطب، ويوم السرارة, مما سنذكره تفصيلا في الفصول التالية.

وهكذا نجد كذلك سلالات عديدة تمتزج وتكون شعب المدينة الحجازي٢.


١ يقول أبو الفرج الأصفهاني في الجزء ١١ من الأغاني: كان ساكنو المدينة في أول الدهر قبل بني إسرائيل قوما من الأمم الساحقة يقال لهم: العماليق، وكانوا قد تفرقوا في البلاد، وكان ملك الحجاز منهم, ويقال له: الأرقم، ينزل بين تيماء وفدك. وكانوا قد ملئوا المدينة, ولهم نخل كثير وزرع، ثم بعث موسى إلى العماليق جيشا من بني إسرائيل, فقدم الجيش الحجاز فأظهرهم الله على العماليق، واستقر جماعة من الجيش بالمدينة، فكان ذلك أول سكنى اليهود بالمدينة.
٢ راجع كتاب الدرة الثمينة بأخبار المدينة لابن النجار, طبع القاهرة.

<<  <   >  >>