هذيل: وبين مكة والمدينة تقع منطقة هذيل، وتعرف باسم سراة هذيل. وهي موطن قبيلة هذيل، التي تنتسب إلى هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، وهي أخت قبيلة "خزيمة" وكانت تجاور قبيلة بني سليم وكنانة، وقد اشتهرت بشعرائها وصفاء لغتها؛ ولذلك احتج اللغويون بكلامهم، وكانت هذيل مع قريش في أثناء حملة "أبرهة" على مكة، وكانت تعبد "سواع"، وكان بموضع "رهاط"، وكذلك عبدت "مناة" وكان موضع هذا الصنم في "قديد"، ومن أشهر بطون هذيل: بنو لحيان، وبنو دهمان، وبنو عادية، وبنو ظاعنة، وبنو خناعة.
اختلاط العناصر في الحجاز:
كان عمر بن الخطاب ينادي في الحجاج، بعد أداء مناسكهم:"يا أهل الشام شامكم، يا أهل اليمن يمنكم". وكان يرمي بهذه القولة، صرف الأجناس المختلفة عن الإقامة بالحجاز لأسباب كثيرة, منها: أن الحجاز كان وما زال آمنا من عدوان المعتدين وإغارة المغيرين. ومن الخير أن يعود أهل كل مصر إلى مصرهم؛ ليحافظوا عليه، ويردوا عنه غارة المغيرين عليه، من كل من تسول له نفسه الإغارة على البلاد التي ظللها الإسلام.
ومن الأسباب أيضا: المحافظة على أخلاق الحجازيين، وعاداتهم، وتقاليدهم، والمحافظة أيضا على أرزاقهم. فأسباب العيش في الحجاز محدودة؛ إذ إن الحجاز ليس بلدا زراعيا، ولا بلدا صناعيا كما هو الحال في غيره من الأمصار. وقد استطاع الحجاز بسياسة عمر الواقعية، الاحتفاظ بكل مقوماته، وبعد أن انحرف الحكام عن سياسة عمر، بدأ سيل المهاجرين يغمر الحجاز، وكان أغلب المهاجرين في العصر الأموي من الصناع وأرباب الحرف المختلفة، وفي النادر من كان يهاجر إليه؛ للانقطاع عن الدنيا، والانصراف للعبادة. أما في العصور الأخيرة، فبعد أن استفحلت شرور الاستعمار، أخذ المسلمون يهاجرون إلى الحجاز من بلادهم؛ للمحافظة على دينهم وتقاليدهم، فامتلأت