للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استخدم السلف الأدلة والحجج العقلية المستنبطة من القرآن الكريم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن السلف: " وكانوا يستعملون القياس العقلي على النحو الذي ورد به القرآن في الأمثال التي ضربها الله تعالى للناس، فإن الله ضرب للناس في القرآن من كل مثل، وبين بالأقيسة العقلية المقبولة بالعقل الصريح من المطالب الإلهية والمقاصد الربانية ما لا تصل إليه آراء هؤلاء المتكلمين في المسائل والوسائل، في الأحكام والدلائل" (١).

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله- مبيناً استخدام السلف للأقيسة العقلية في معرض كلامه عن كتاب الإمام أحمد -رحمه الله- "الرد على الزنادقة والجهمية: " وهو مع ذلك يكشف لهم الشبه ويبين بطلانها بأدلة الكتاب والسنة وإجماع الأمة والأدلة العقلية الصريحة، وصنف في ذلك كتابه المعروف في الرد على الزنادقة والجهمية" (٢).

والسنة كالقرآن في ذلك، فبهما تتبين الحقائق بالمقاييس العقلية والأمثال المضروبة، ويتبين طريق التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين (٣).

ومن أمثلة استخدام السلف للأدلة العقلية المستنبطة من النصوص الشرعية: استخدامهم لقياس الأولى (٤). يقول شيخ لإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " كان السلف والأئمة يستعملون قياس الأولى في المطالب الإلهية، كما استعمله الإمام احمد ومن قبله ومن بعده من أئمة أهل الإسلام، وبمثل هذا القياس جاء القرآن في تقرير أصول الدين في مسائل التوحيد والصفات والمعاد" (٥).

ومن ذلك أيضاً استخدامهم دلالات الأنفس والآفاق والمعجزات في الاستدلال على الله -عز وجل- ومعرفته، وفي هذا يقول ابن الوزير اليماني -رحمه الله-: "دلالة الأنفس ودلالة الآفاق ودلالة المعجزات كلها دل عليها القرآن الذي وصفه الله تعالى بأنه يهدي للتي هي أقوم" (٦).

أما الفطرة " فالناس مفطورون على العلم بالقوانين العقلية، التي لا ينازع فيها أحد من عقلاء بني آدم، لأن مبني العقل على صحة الفطرة وسلامتها" (٧).


(١) بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، لشيخ الإسلام ابن تيمية: ١/ ٣٢٦.
(٢) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، لبعض علماء نجد الأعلام: ٣/ ١٢٠.
(٣) انظر: الرد على المنطقيين، لابن تيمية: ٣٨٢.
(٤) انظر: المرجع السابق: ١٥٠، والتدمرية: ٥٠.
(٥) درء تعارض العقل والنقل: ١/ ٣٠.
(٦) إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد لأبي عبدالله محمد بن المرتضى اليماني: ٤٥ - ٥٧.
(٧) انظر: الرد على المنطقيين: ٣٢٣.

<<  <   >  >>