للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[موقف المستشرقين من السنة]

[أولاً: موقفهم من الإسناد]

أورد المستشرقون عدداً من الشبه حول السنة، بغية الطعن فيها وإسقاطها، وإقناع المسلمين بعدم جدواها. وأول محاولة لها أهميتها: هي ما قام به المستشرق (جولد زيهر) الذي نشر نتيجة بحثه سنة ١٨٩٠ م بعنوان (دراسات إسلامية) باللغة الألمانية، وأصبح كتابه في دائرة الاستشراق، منذ ذلك الوقت حتى الآن (إنجيلاً مقدساً) يهتدي به الباحثون (١).

فمن المستشرقين من شكك في بدايات الإسناد فقد زعم المستشرق (كايتاني الإيطالي) في حولياته "أن الأسانيد أضيفت إلى المتون فيما بعد بتأثير خارجي؛ لأن العرب لا يعرفون الإسناد، وأن أقدم من قام بجمع الأحاديث - وهو عروة بن الزبير المتوفى سنة (٩٤ هـ) لم يكن يستعمل الأسانيد، ولم يكن يذكر المصدر لكلامه غير القرآن الكريم.

لذا هو يعتقد أن الأسانيد لم تكن معروفة إلى عهد عبدالملك بن مروان - أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من ستين سنة- وأن عروة لم يستعمل الإسناد مطلقاً، وابن إسحاق استعملها بصورة ليست كاملة، ممايدل على أن الجزء الأعظم من الأسانيد الموجودة في كتب السنة لابد أنه قد اختلقها المحدثون في القرن الثاني والثالث الهجريين (٢).

وقد درس مسألة الإسناد المستشرق (هوروفنس) ورد على (كايتاني وشبر نجر) رداً قوياً مفحماً، وأشار في بحثه إلى أن الذين نفوا استنعمال عروة للإسناد لم يدرسوا كتاباته وأسانيده كاملة.

ثم أشار إلى أن هناك فرقاً بين أسلوب الكتابة، عندما يكتب الباحث رداً على استفسار وبيّنة وعندما يكتب لزمرة من المثقفين. ثم توصل أخيراً إلى نتيجة مفادها: أن بداية الإسناد في الأحاديث تذهب إلى الثلث الثالث من القرن الأول الهجري (٣)، إلا أنه ظل متحفظاً بالنسبة فيما يتعلق بمعرفة عروة للإسناد، ويقول: إنها لا تزال موضع نزاع وجدل (٤).

?


(١) انظر: دراسات في الحديث النبوي: صفحة (ي).
(٢) انظر: المرجع السابق ٢/ ٣٩٢.
(٣) انظر: المرجع السابق ٢/ ٣٩٣.
(٤) انظر: بحوث في تاريخ السنة المشرفة: ٥٢.

<<  <   >  >>