للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: العدل]

والمراد بالعدل عند المعتزلة هو أن أفعال الله تعالى كلها حسنة، وأنه لا يفعل القبيح ولا يخل بما هو واجب عليه، وأنه لا يكذب في خبره، ولا يجور في حكمه، ولا يعذب أطفال المشركين بذنوب آبائهم، ولا يظهر المعجزة على الكذابين، ولا يكلف العباد ما لا يطيقونه ولا يعلمون، بل يقدرهم على ما كلفهم ويعلمهم صفة ما كلفهم، ويدلهم على ذلك، ويبين لهم، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيي من حي عن بينة (١).

ويتعلق العدل عند المعتزلة بأفعال الباري - عز وجل- من حيث صلتها بالإنسان، وأن تلك الصلة يجب أن يسودها من جانب الله - عز وجل - حسب رأيهم - العدل المطلق (٢).

[مظاهر العدل عند المعتزلة]

منها:

١ - أن الله لا يفعل القبيح ولا يخل بما هو واجب عليه، وأفعاله كلها محكمة (٣).

٢ - أن الله لطيف بعباده: واللطف الإلهي عرفه القاضي عبدالجبار بقوله: هو كل ما يختار عنده المرء الواجب ويتجنب القبيح، أو ما يكون عنده أقرب: إما إلى اختيار الواجب أو إلى ترك القبيح (٤). ومعنى هذا أن العبد المكلف أمامه واجبات عليه أن يؤديها، وقبائح يجب عليه اجتنابها، فيجب على الله أن يفعل ما به يكون العبد أقرب إلى الطاعة، وأبعد عن المعصية، من غير أن يضطره هذا الفعل إلى عمل الطاعة، أو اجتناب المعصية (٥)، ويرى أكثر المعتزلة أن اللطف واجب على الله (٦).

٣ - الإنسان حر فيما يفعل.


(١) انظر: شرح الأصول الخمسة: ١٣٣، مذاهب الإسلاميين: ٦١.
(٢) انظر: شرح الأصول الخمسة: ٣٠١.
(٣) المرجع السابق: ١٣٢.
(٤) انظر: المرجع السابق: ٥١٩.
(٥) انظر: الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى: ١٢٣.
(٦) انظر: الملل والنحل للشهرتساني ١/ ٦٥، وموقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة ١/ ٣٠٣.

<<  <   >  >>