للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء في دائرة المعارف أن رأي المعتزلة في مسألة التوحيد يقوم على الاستمساك بآيات التنزيه وتأويل الآيات المتشابهة تأويلاً يتفق والتنزيه والتوحيد الذين جاء بهما الإسلام (١)، وخير ما يمثل شرح المعتزلة للتوحيد هو ما حكاه عنهم الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين (٢) وأن سبب مغالات المعتزلة في فهم تنزيه الله عن سمات المخلوقين حذراً من تعدد القديم (٣).

وهم في تقريرهم للتوحيد عند المعتزلة يعتمدون على ما ذكره الأشعري في مقالاته عن المعتزلة حيث قال: "أجمعت المعتزلة على أن الله واحد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وليس بجسم، ولا شبح، ولا جثة، ولا صورة، ولا لحم، ولا دم، ولا شخص ولا جوهر، ولا عرض، ولا بذي لون ولا طعم ولا رائحة ولا مجسّة، ولا بذي حرارة ولا رطوبة ولا يبوسة، ولا طول ولا عرض ولا عمق، ولا اجتماع ولا افتراق .. إلى آخر ما ذكره عنهم (٤). وجميع ذلك صفات سلبية يرون أنه بها يسلم للمعتزلة أصلهم الأول الذي هو التوحيد (٥)، وهذا خلاف منهج السلف الصالح في إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به سبحانه.

وفي هذا يوافق المستشرقون المعتزلة تماماً على منهجهم في طريقة إثبات الصفات، ويرون أن من خلاله يسلم لهم التوحيد.

وقد أغفل المستشرقون قول الأشعري في نهاية كلامه عن المعتزلة، حيث قال: وإن كانوا للجملة التي يظهرونها ناقضين ولها تاركين (٦)، وفي هذا خلل منهجي، فقد أشعروا القارئ بأن أبا الحسن الأشعري يوافق المعتزلة رأيهم في التوحيد، وأنه خير من شرح التوحيد عند المعتزلة، بينما ختم قوله بأن المعتزلة لم يقيدوا بما أظهروه من جمل عن حقيقة التوحيد عندهم.

ويرى المستشرق (هنري كوريان) أن التوحيد عند المعتزلة: هو المبدأ الأساسي في الإسلام، وأنه ليس من عنديات المعتزلة ولا من استنباطاتهم، ولكنهم تميزوا به دون غيرهم بالتفسيرات التي أعطوها بشأنه وبما طبقوه من هذه التفسيرات على ميادين أخرى من ميادين الإلهيات (٧).

وبهذا يكون موقف المستشرقين من التوحيد عند المعتزلة هو نفس موقف المعتزلة تماماً.


(١) انظر: موجز دائرة المعارف الإسلامية ٨/ ٢٣٩٩.
(٢) المرجع السابق ٨/ ٢٣٩٩.
(٣) المرجع السابق ٨/ ٢٣٩٩.
(٤) انظر: مقالات الإسلاميين ١/ ٢٣٥ - ٢٣٦، دائرة المعارف الإسلامية ٨/ ٢٣٩٩.
(٥) انظر: دائرة المعارف الإسلامية ٨/ ٢٣٩٩.
(٦) انظر: مقالات الإسلاميين ١/ ٢٣٦.
(٧) انظر: تاريخ الفلسفة الإسلامية: ١٨٧.

<<  <   >  >>