للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: الوعد والوعيد]

[أولاً: الوعد]

الوعد في مفهوم المعتزلة هو كل خبر يتضمن إيصال نفع إلى الغير أو دفع ضرر عنه في المستقبل، ولا فرق بين أن يكون حسناً مستحقاً وبين ألا يكون كذلك.

هذا هو مذهب المعتزلة في الوعد، فهم يوجبون على الله - عز وجل - أن ينفذ وعده وأن يعطي العبد أجر ما كلفه به من طاعات استحقاقاً منه على الله مقابل وعد الله له إذا التزم العبد بجميع التكاليف التي اختارها الله وكلف بها عباده.

[ثانياً: الوعيد]

والوعيد في مفهوم المعتزلة هو كل خبر يتضمن إيصال ضرر إلى الغير أو تفويت نفع عنه في المستقبل، ولا فرق بين أن يكون حسناً مستحقاً، وبين أن لا يكون ذلك.

والمقصود بالوعيد هنا هو ما يتعلق بأحكام المذنبين من عصاة المؤمنين إذا ماتوا من غير توبة.

[موقف المستشرقين من الوعد والوعيد عند المعتزلة]

يرى المستشرق (لويس غاردية) أن الوعد والوعيد عند المعتزلة، معناه الالتزام بالأفعال التي حض عليها القرآن الكريم، ومن يرتكب كبيرة ولا يكفر بها فمآله إلى جهنم (١). ويذهب (جولد زيهر) إلى القول بأن الله العادل يجب عليه أن يُثيب الأخيار ويعاقب الأشرار (٢)، لأن اختيار الله المطلق - الذي لا يُسأل عنه - على حسب الأفكار السنية الحرفية، يجعله يعمر الجنة والنار كما يشاء وبمن شاء حسب ما يرى (٣).

ويؤكد المستشرق (هنري كوربان) بأن الله قد وعد المؤمنين من خلقه بالثواب، وتوعد الكافرين منهم بالعقاب، وهذا أمر تقر به الفرق والمذاهب الإسلامية على اختلافها (٤).

ويقول بأن المعتزلة يربطون بين هذه العقيدة وبين مفهومهم للعدل الإلهي. فالعدل الإلهي يفترض أن لا يعامل المؤمن والكافر على حد سواء كما أن الحرية الإنسانية تتضمن أن يكون الإنسان مسؤولاً عن أفعاله سواء في الخير أم في الشر (٥).


(١) انظر: دائرة المعارف ٢٤/ ٧٣٧٥.
(٢) انظر: العقيدة والشريعة: ١٠٥.
(٣) المرجع السابق: ١٠٥.
(٤) انظر: تاريخ الفلسفة الإسلامية: ١٩٠.
(٥) المرجع السابق: ١٩٠.

<<  <   >  >>