للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: تسمية المعتزلة وألقابهم]

[المطلب الأول: أصل تسمية المعتزلة]

عدَّ المستشرق (كارلو الفونوس نيلنو) معرفة سبب إطلاق لفظ (المعتزلة) وبأي معنى أطلق من المسائل الخطيرة، وأن الوقوف على حل هذه المسألة يساعد في حل مسألة تعتبر من أهم المسائل التاريخية وهي مسألة أصول حركة المعتزلة وطابعها الأصلي (١).

فقالوا في أصل اطلاق لفظ المعتزلة عدة أقوال، منها:

[أولاً: أنها من الزهد والورع]

وهذا هو رأي المستشرق (جولد زيهر) حيث يفسر اسم (المعتزلة) بأنه مشتق من الاعتزال، الذي هو بمعنى الزهد والتعبد، ويرى أن نقطة ابتداء المعتزلة وبواعث مصدرهم كانت من التقوى والتعبد (٢).

وأيد رأيه بما يلي:

١ - ما ورد من تفسير لكلمة (المعتزلة) بمعنى الزهد والتعبد.

٢ - ما روي عن عدد من رجال المعتزلة من زهد وتقشف، حتى روي عن واصل بن عطاء الغزالي أنه لم يقبض في حياته ديناراً أو درهماً.

[ثانياً: أنها من الانفصال والانشقاق]

وهذا رأي كثير من المستشرقين منهم: (اشتيتر السويسري، وفون هامر الألماني، وفون كريمر النمساوي) وغيرهم كثير، وقد قدم المستشرق (نيللو) في بحثه عن أصل تسمية المعتزلة ثبتاً يحوي عدداً من أسماء المستشرقين الذين قبلوا الرأي الذي يقول بأن كلمة (المعتزلة) تعني (المنشقين والمنفصلين) (٣).

والقائلون بهذا القول من المستشرقين (٤) يعودون بالمعتزلة إلى ما قبل واصل بن عطاء، ويعتمدون على بعض النصوص التي تسمي المعتزلة أحياناً بالقدرية (٥)، ويجعلون السبب الرئيس في نشأة المعتزلة، هو اختيار من نوع سياسي (٦)، وأن (المعتزلة) اسم عام لفئة انفصلت عن الجمهور وانشقت عليه، ولكن بمضي الزمن أصبح هذا الاسم في أوائل القرن الثاني للهجرة، علماً على مذهب خاص (٧) وأن السبب في اعتزال واصل بن عطاء هو ثورته على المذهب المنكر لحرية الإرادة (٨)، وأن كلمة (المعتزلة) تحمل بين ثناياها طابع الاستنكار، والمعتزل هو المخالف والمنفصل (٩).


(١) انظر: التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية، بحوث في المعتزلة (نيللو): ١٧٣.
(٢) انظر: العقيدة والشريعة في الإسلام: ١٠١، التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية، بحوث في المعتزلة (نيللو): ١٧٨ - ١٧٩.
(٣) انظر: التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية: ١٧٥، فلسفة الفكر الديني بين الإسلام والمسيحية ١/ ٧٩ - ٨٠.
(٤) انظر: التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية: ١٧٧.
(٥) القدرية هم: نفاة القدر، نسبوا إليه لنفيهم إياه بقولهم: إن العبد هو الذي يخلق فعله، عكس الجبرية، وقد تطلق هذه التسمية على فرقة المعتزلة، لأنها هي التي ورثت القول بهذه المقولة. انظر: الفرق بين الفرق: ١١٧ - ١١٨، التبصير في الدين: ٦٣، الملل والنحل ١/ ٥٦.
(٦) انظر: تاريخ الفلسفة الإسلامية (هنري كوريان): ١٩٤.
(٧) انظر: التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية، بحوث في المعتزلة (نيللو): ١٧٦.
(٨) المرجع السابق: ١٧٧.
(٩) انظر: تاريخ الفلسفة الإسلامية (هنري كوريان): ١٨٤.

<<  <   >  >>