للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويرى أيضا، بأن المعتزلة قد انقادوا في أنظارهم إلى مجرد العقل، حتى أنهم جعلوا الأنبياء أنفسهم يقيمون الحجة على صدق رسالتهم الإلهية، بأنهم أرسلوا من الله للنظر في أدلة العقل والاستدلال (١).

وأثنى عليهم فقال: إن للمعتزلة فضلاً غير منقوص، حيث كانوا من الأوائل الذين وسعوا معين المعرفة الدينية، بأن أدخلوا فيها عنصراً آخر وهو العقل (٢).

وقال: إن أشرف انتفاع يستفيده المعتزلة من اشتراطهم فيما يتصل بتفسير الكتاب مطابقة العقل في الحقائق الدينية: هو محاربتهم للتصورات الخرافية المناقضة للطبيعة التي رسخت قدمها في الدين (٣).

ويذهب المستشرق (لويس غاردية) إلى أنه مع الاختلافات العقائدية الطفيفة - والتي لها وجاهتها في بعض الأحيان، حسب نظرتهم - فقد فُرقت المعتزلة، إلا أنهم قد كانوا جميعاً ينهلون من ذات معين الإلهام الواحد وهو (احترام العقل) في مجال الدفاع عن العقائد الدينية، والاهتمام بتنزيه الذات الإلهية عن كل صور التعددية والتجسيد والرغبة في التأكيد على الكمال المطلق للذات الإلهية (٤)، حيث يذهبون مذهباً ديناً أراد أن ينفي عن الصورة التي حملها المؤمن في قرارة نفسه للألوهية، وحقيقتها وتدبيرها كل ما يتجافى عن العقل ويتنزل على نحو لا يليق إلى دائرة الماديات وكذلك كل اختيار يتنافى مع مقتضيات الحكمة والعدل (٥)، مما جعلهم يعتمدون على العقل مرجعاً وحيداً، ويتأولون آيات القرآن الكريم بما يتفق مع منهجهم العقلي الذي قام على الأسس التالية:

١ - القرآن مخلوق.

٢ - الإنسان حر الإرادة والفعل، والشر من صنعه وحده (٦).

وفيما يتعلق بأمور الآخرة فإن بعضها تُفلت من التعليلات العقلية، ولكن المعتزلة حاولوا جهد المستطاع أن يجعلوها عقلية (٧).

?


(١) المرجع السابق: ١٥٩.
(٢) المرجع السابق: ١٠٢، ١٥٩.
(٣) المرجع السابق: ١٦٠.
(٤) انظر: دائرة المعارف الإسلامية ٢٤/ ٧٣٧٤.
(٥) انظر: مذاهب التفسير الإسلامي: ١٢١.
(٦) انظر: الإسلام كبديل (هوفمان): ٤٩.
(٧) انظر: فلسفة الفكر الديني ٣/ ٩٠.

<<  <   >  >>