للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن لم يتمكن الشخص من التغيير باليد انتقل إلى التغيير باللسان، فإن وصل الحال إلى عدم الاستطاعة من التغيير باللسان بأن كان الشر هو الغالب على الخير، فليكتف بالتغيير بالقلب من كراهة المنكر وتمني زواله وبغضه وبغض أهله (١).

وقد أوجبت المعتزلة الخروج على السلطان الجائر (٢)، وحمل السلاح في وجوه المخالفين لهم من أهل القبلة (٣).

موقف المستشرقين من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند المعتزلة:

يرى المستشرق (لويس غاردية) بأن مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو مبدأ كانت له وجاهته أول الأمر ثم فقد موضوعيته بعد ذلك (٤). ويسلم بأن الأمر بالمعروف فريضة على كل مسلم، وأن المعتزلة قد دعت إلى التدخل المباشر بالسيف، إذا اقتضى الأمر هذا التدخل، مخالفين وجهة النظر الأكثر كياسة وتبصراً التي قدر لها أن تنتصر آخر المطاف (٥) - ويقصد بذلك أهل السنة-.

فالمرء في نظر المعتزلة عنده يمكن له بل ويجب عليه خلع أولي الأمر الفاسدين، والمرء يمكن له بل ويجب عليه إكراه خصومه - تحت طائلة العقاب بالموت - على الاعتراف بالعقيدة الحقة (٦).

ويذهب المستشرق (دي بوار) إلى أنه بعد أن كان المعتزلة من قَبْل عرضة للقمع والاضطهاد من جانب السلطة الزمنية، أصبحوا ممتَحِنِين لعقائد الناس، يحلون السيف محل الحجة والدليل (٧).

ويصرح (هنري كوربان) بأن المبدأ الأخير من مبادئ المعتزلة الرئيسة وهو مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو مبدأ يتعلق بحياة الجماعة، حيث إنه يهدف إلى التطبيق العملي لمبادئ العدالة والحرية في السلوك الإجتماعي (٨).


(١) انظر: المرجع السابق: ١٨.
(٢) المرجع السابق: ٢٠.
(٣) المرجع السابق: ٢١.
(٤) انظر: موجز دائرة المعارف الإسلامية ٢٤/ ٧٣٧٦.
(٥) المرجع السابق ٢٤/ ٧٣٧٦.
(٦) المرجع السابق ٢٤/ ٧٣٧٦.
(٧) انظر: تاريخ الفلسفة في الإسلام، دي بوار: ٩٦.
(٨) انظر: تاريخ الفلسفة في الإسلام، هنري كوربان: ١٩١.

<<  <   >  >>