الْحَاجَّ، وَيُعَلِّمُهُمْ أَنَّ مَنْ أَرَادَ التَّعْجِيلَ، وَتَرَكَ رَمْيَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَالْمَبِيتَ بِمِنًى، فَذَلِكَ لَهُ وَاسِعٌ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِمِنًى حِينَ ارْتَفَعَ الضُّحَى عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ، وَعَليّ يُعَبِّرُ عَنْهُ، وَالنَّاسُ بَيْنَ قَائِمٍ وَقَاعِدٍ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ، قَالا: رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَخْطُبُ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَنَحْنُ عِنْدَ رَاحِلَتِهِ».
قَالَ الإِمَامُ: وَالْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشَرَةٌ: خُطْبَتَا الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَالْخُسُوفَيْنِ، وَالاسْتِسْقَاءِ، وَأَرَبْعَةٌ فِي الْحَجِّ كُلُّهَا سُنَّةٌ، إِلا خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ، وَكُلُّهَا بَعْدَ الصَّلاةِ، إِلا خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ، وَخُطْبَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ، كُلُّهَا إِشْفَاعٌ، إِلا ثَلاثًا فِي الْحَجِّ خُطْبَةَ يَوْمِ السَّابِعِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ، وَالنَّفْرِ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ»، مَعْنَاهُ: أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَدْ بَدَّلَتْ أَشْهُرَ الْحُرُمِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ تَعْظِيمَ هَذِهِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَيَتَحَرَّجُونَ فِيهَا عَنِ الْقِتَالِ، فَاسْتَحَلَّ بَعْضُهُمُ الْقِتَالَ فِيهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ عَامَّةَ مَعَايِشَهُمْ كَانَتْ مِنَ الصَّيْدِ وَالْغَارَةِ، فَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمُ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ ثَلاثَةِ أَشْهُرٍ عَلَى التَّوَالِي، وَكَانُوا إِذَا اسْتَحَلُّوا شَهْرًا مِنْهَا، حَرَّمُوا مَكَانَهُ شَهْرًا آخَرَ، وَهُوَ النَّسِيءُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التَّوْبَة: ٣٧]، وَمَعْنَى النَّسِيءِ: تَأْخِيرُ تَحْرِيمِ رَجَبٍ إِلَى شَعْبَانَ، وَالْمُحَرَّمِ إِلَى صَفَرٍ، مَأْخُوذٌ مِنْ نَسَأْتُ الشَّيْءَ: إِذَا أَخَّرْتُهُ، وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute