وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جَابِرٍ.
قَالَ الإِمَامُ: هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ.
وَالرِّبَا فِي اللُّغَةِ: الزِّيَادَةُ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} [الرّوم: ٣٩] أَيْ: لِيَكْثُرَ {فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} [الرّوم: ٣٩] أَيْ: لَا يَنْمَى، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {أَخْذَةً رَابِيَةً} [الحاقة: ١٠] أَيْ: زَائِدَةً عَلَى الأَخَذَاتِ، وَالْمُحَرَّمُ فِي الشَّرِيعَةِ زِيَادَةٌ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ.
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الرِّبَا يَجْرِي فِي هَذِهِ الأَشْيَاءِ السِّتَّةِ الَّتِي نَصَّ الْحَدِيثُ عَلَيْهَا، وَذَهَبَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الرِّبَا غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهَا بِأَعْيَانِهَا، إِنَّمَا ثَبَتَ لأَوْصَافٍ فِيهَا، وَيَتَعَدَّى إِلَى كُلِّ مَالٍ تُوجَدُ فِيهِ تِلْكَ الأَوْصَافُ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ الأَوْصَافِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى فِي جَمِيعِهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ النَّفْعُ.
وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الرِّبَا ثَبَتَ فِي الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ بِوَصْفٍ، وَفِي الأَشْيَاءِ الْمَطْعُومَةِ بِوَصْفٍ آخَرَ.
وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الْوَصْفِ، فَقَالَ قَوْمٌ: ثَبَتَ فِي الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ، بِوَصْفِ النَّقْدِيَّةِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ قَوْمٌ: ثَبَتَ بِعِلَّةِ الْوَزْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، حَتَّى قَالُوا: يَثْبُتُ الرِّبَا فِي جَمِيعِ مَا يُبَاعُ وَزْنًا فِي الْعَادَةِ، مِثْلُ: الْحَدِيدِ، وَالنُّحَاسِ، وَالْقُطْنِ، وَنَحْوِهَا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْوَزْنَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً، اتِّفَاقُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إِسْلامُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْمَوْزُونَاتِ، وَلَوْ كَانَ الْوَزْنُ عِلَّةً، لَكَانَ لَا يَجُوزُ، لأَنَّ كُلَّ مَالَيْنِ اجْتَمَعَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا لَا يَجُوزُ إِسْلامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute