أَحَدِهِمَا فِي الآخَرِ، كَمَا لَا يَجُوزُ إِسْلامُ الدَّرَاهِمِ فِي الدَّنَانِيرِ، وَإِسْلامُ الْحِنْطَةِ فِي الشَّعِيرِ، لاتِّفَاقِهِمَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا.
يَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ رَطْلَ حَدِيدٍ بِرَطْلَيْنِ، أَوْ رَطْلَ نُحَاسٍ، أَوْ صُفْرٍ، بِأَرْطَالٍ مِنْ جِنْسِهِ يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ نَقْدًا وَنَسِيئَةً، وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ يَدًا بِيَدٍ وَلا يَجُوزُ نَسِيئَةً، وَلا يَجُوزُ عِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ لَا نَقْدًا وَلا نَسِيئَةً.
قَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنِ الصُّفْرِ بِالْحَدِيدِ نَسِيئَةً؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ.
وَسَأَلْتُ عَنْهُ حَمَّادًا، فَكَرِهَهُ.
وَأَمَّا الأَشْيَاءُ الأَرْبَعَةُ الْمَطْعُومَةُ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرِّبَا ثَبَتَ فِيهَا بِوَصْفِ الْكَيْلِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ حَتَّى قَالُوا: يَثْبُتُ الرِّبَا فِي جَمِيعِ مَا يُبَاعُ كَيْلا فِي الْعَادَةِ، مِثْلُ الْجَصِّ وَالنُّورَةِ وَنَحْوِهِمَا.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهَا الطُّعْمُ مَعَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ، فَكُلُّ مَطْعُومٍ هُوَ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ يَثْبُتُ فِيهِ الرِّبَا، وَلا يَثْبُتُ فِيمَا لَيْسَ بِمَكِيلٍ وَلا مَوْزُونٍ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَا رِبًا إِلا فِي ذَهَبٍ، أَوْ وَرِقٍ، أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَدِيمًا، وَقَوْلُ مَالِكٍ قَرِيبٌ مِنْهُ.
وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: يَثْبُتُ فِيهَا الرِّبَا بِوَصْفِ الطُّعْمِ، وَأَثْبَتَ فِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ الْمَطْعُومَةِ، مِثْلُ الثِّمَارِ، وَالْفَوَاكِهِ، وَالْبُقُولِ، وَالأَدْوِيَةِ، وَنَحْوِهَا، سَوَاءً كَانَتْ مَكِيلَةً أَوْ مَوْزُونَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ، لِمَا رُوِيَ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مَثَلا بِمَثَلٍ».
فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِاسْمِ الطَّعَامِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute