بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنَ الطَّعَامِ، كَمَا يَجُوزُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، إِنَّمَا لَا يَجُوزُ بِمَا يَنْبُتُ مِنْ تِلْكَ الأَرْضِ بَعْدَ الاكْتِرَاءِ.
وَالْمُخَابَرَةُ: اكْتِرَاءُ الأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَالْخُبْرُ: النَّصِيبُ، وَسُمِّيَ الأَكَّارُ خَبِيرًا، لأَنَّهُ يُخَابِرُ الأَرْضَ.
وَكَانَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ يَقُولُ: أَصْلُ الْمُخَابَرَةِ مِنْ خَيْبَرَ، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَقَرَّهَا فِي أَيْدِي أَهْلِهَا عَلَى النِّصْفِ، فَقِيلَ: خَابَرَهُمْ، أَيْ: عَامَلَهُمْ فِي خَيْبَرَ، فَتَنَازَعُوا، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ جَازَتْ بَعْدُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: الْمُزَابَنَةُ: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْجُزَافِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ كَيْلُهُ وَلا وَزْنُهُ وَلا عَدَدُهُ، أَنْ يُبَاعَ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِنَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الْعَدَدِ، كَالطَّعَامِ الْمُصبَّرِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ، أَوِ الْكُرْسُفِ، أَوِ الْكَتَّانِ، أَوِ الْغَزْلِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ السِّلَعِ، لَا يُعْلَمُ كَيْلُ شَيْءٍ مِنْهُ وَلا وَزْنُهُ وَلا عَدَدُهُ، يَقُولُ لِرَبِّهَا: كِلْ سِلْعَتَكَ، أَوْ زِنْ، أَوِ اعْدُدْ مَا كَانَ يُعَدُّ، فَمَا نَقَصَ مِنْ كَذَا وَكَذَا صَاعًا، أَوْ رَطْلا، أَوْ عَدَدًا، فَعَلَيَّ غُرْمُهُ حَتَّى أُوَفِّيَكَ تِلْكَ التَّسْمِيَةَ، وَمَا زَادَ فَلِي، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَيْعٍ، وَلَكِنَّهُ الْغَرَرُ وَالْمُخَاطَرَةُ وَالْقُمَارِ.
٢٠٧٢ - أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ التَّاجِرُ، نَا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ، نَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ، أَنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ، وَالْمُعَاوَمَةِ» قَالَ أَحَدُهُمَا، وَقَالَ الآخَرُ: «وَبيْعُ السِّنِينَ، هِيَ الْمُعَاوَمَةُ» «وَعَنِ الثُّنَيَّا، وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute