عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.
قَالَ الإِمَامُ: الْمُعَاوَمَةُ هِيَ بَيْعُ السِّنِينَ، اخْتَلَفَ فِيهَا لَفْظُ الرَّاوِيَيْنِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ، عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ».
وَصُورَةُ بَيْعِ السِّنِينَ: أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ نَخِيلِهِ سِنِينَ ثَلاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ أَكْثَرَ، فَهُوَ فَاسِدٌ، لأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ، هَذَا فِي بُيُوعِ الأَعْيَانِ، أَمَّا فِي بُيُوعِ الصِّفَاتِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَهُوَ أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.
وَذَلِكَ الشَّيْءُ مُنْقَطِعٌ فِي الْحَالِ، وَسَيُوجَدُ عِنْدَ الْمَحِلِّ غَالِبًا.
وَأَمَّا الثُّنَيَّا: فَهُوَ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ جُزْأً غَيْرَ مَعْلُومٍ، فَلا يَصِحُّ، لأَنَّ الْمَبِيعَ يَصِيرُ مَجْهُولا بِاسْتِثْنَاءِ غَيْرِ الْمَعْلُومِ مِنْهُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ ثَمَرَ هَذَا الْحَائِطِ إِلا صَاعًا، لَا يَصِحُّ، فَإِنِ اسْتَثْنَى جُزْأً شَائِعًا مَعْلُومًا بِأَنْ قَالَ: بِعْتُكَ ثَمَرَ هَذَا الْحَائِطِ إِلا ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَه ُ يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتَثْنَى ثَمَرَ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلاتٍ بِعَيْنِهَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ مِنَ الْحِنْطَةِ إِلا ثُلُثَهَا يَجُوزُ، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ إِلا صَاعًا، فَإِنْ كَانَتِ الصِّيعَانُ مَجْهُولَةً لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً، مَثَلا كَانَتْ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ، جَازَ، وَجَعَلَ كَأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهَا الْعُشْرَ.
وَرُوِيَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ، وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ بَاعَ ثَمَرَ حَائِطٍ لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ تَمْرًا.
وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْقُطُرَ، قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْ يَزِنَ جُلَّةً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ عِدْلا مِنَ الْمَتَاعِ، وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ عَلَى حِسَابِ ذَلِكَ، وَلا يَزِنُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: الْمُقَاطَرَةُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ إِلَى آخَرَ فَيَقُولُ لَهُ: بِعْنِي مَا لَكَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مِنَ التَّمْرِ جُزَافًا، بِلا كَيْلٍ وَلا وَزْنٍ، فَيَبِيعُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute