للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ بَاعَ نَخْلا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ».

هَذَانِ الحَدِيثَانِ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِمَا.

أَخْرَجَهُمَا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ.

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ.

كِلاهُمَا عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ.

وَأَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.

قَالَ الإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنَّ الْعَبْدَ لَا مِلْكَ لَهُ بِحَالٍ، وَأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ مَلَّكَهُ لَا يمْلِكُ، لأَنَّهُ مَمْلُوكٌ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا، كَالْبَهَائِمِ.

وَقَوْلُهُ: «وَلَهُ مَالٌ» هَذِهِ إِضَافَةُ مَجَازٍ لَا إِضَافَةَ مِلْكٍ، كَمَا يُضَافُ السَّرْجُ إِلَى الْفَرَسِ، وَالإِكَافُ إِلَى الْحِمَارِ، وَالْغَنَمُ إِلَى الرَّاعِي، يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: «فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ» أَضَافَ الْمَالَ إِلَيْهِ وَإِلَى الْبَائِعِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ كُلُّهُ مِلْكًا لاثْنَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، فَثَبَتَ أَنَّ إِضَافَتَهُ إِلَى الْعَبْدِ مَجَازٌ وَإِلَى الْمَوْلَى حَقِيقَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.

وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْمَوْلَى إِذَا مَلَّكَ عَبْدَهُ مَالا، فَقَبِلَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ، وَيُحْكَى ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ.

وَعَلَى الْمَذْهَبَيْنِ جَمِيعًا، لَوْ بَاعَهُ الْمَوْلَى، وَبِاسْمِهِ مَالٌ، لَا يَدْخُلُ مَالُهُ فِي الْبَيْعِ إِلا أَنْ يَبِيعَهُ مَعَهُ.

ثُمَّ إِذَا بَاعَ الْمَالَ مَعَهُ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي بِاسْمِهِ عَيْنًا مَعْلُومَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>