وَعِنْدَ مَالِكٍ يَصِحُّ بَيْعُ الْمَالِ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولا، أَوْ دَيْنًا عَلَى الْغَيْرِ، لأَنَّهُ تَبَعٌ لِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حَمْلِ الشَّاةِ وَلَبَنِهَا، وَلَوْ كَانَ كَالْحَمْلِ وَاللَّبَنِ، لَدَخَلَ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الأَصْلِ، فَلَمَّا لَمْ يَدْخُلْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَبَعٍ بَلْ هُوَ مَقْصُودٌ، فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ: مَنْ بَاعَ وَلِيدَةً قَدْ زُيِّنَتْ، فَمَا عَلَيْهَا لِلْمُشْتَرِي، إِلا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ الْبَائِعُ، وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَالْمَالُ يَكُونُ لِلْمَوْلَى.
وَذَهَبَ النَّخَعِيُّ إِلَى أَنَّ الْمَالَ لِلْعَبْدِ إِذَا أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُ الْعَبْدِ لَهُ، إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ السَّيِّدُ».
وَذَهَبَ الأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ الْمَالَ لِلْمَوْلَى، كَمَا فِي الْبَيْعِ لَا يَتْبَعُهُ الْمَالُ، وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ فِي الْعِتْقِ عَلَى النَّدْبِ وَالاسْتِحْبَابِ، فَكَمَا أَنَّ الْعِتْقَ كَانَ إِنْعَامًا مِنْهُ عَلَيْهِ وَمَعْرُوفًا اصْطَنَعَهُ إِلَيْهِ، نَدَبَه إِلَى مُسَامَحَتِهِ فِيمَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ إِتْمَامًا لِلصَّنِيعَةِ.
وَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ مِنَ السَّادَةِ بِالإِحْسَانِ إِلَى مَمَالِيكِهِمْ إِذَا أَرَادُوا إِعْتَاقَهُمْ، وَالتَّجَافِي لَهُمْ عَمَّا فِي أَيْدِيهِمْ أَقْرَبُ إِلَى الْبِرِّ.
وَلا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ التَّسَرِّي عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: لَا مِلْكَ لَهُ.
وَعَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، يَجُوزُ لهُ التَّسَرِّي إِذَا مَلَّكَهُ الْمَوْلَى جَارِيَةً.
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي تَسَرِّي الْعَبْدِ، وَيُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute