هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَرَوَى أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً، فَهُوَ بِالخِيَارِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، إِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ طَعَامٍ لَا سَمْرَاءَ» أَرَادَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا حِنْطَةٍ، وَالتَّمْرُ مِنْ طَعَامِ الْعَرَبِ.
قَالَ الإِمَامُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَقْدِيرِ خِيَارِ التَّصْرِيَةِ بِالثَّلاثَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَتَقَدَّرُ بِالثَّلاثِ، حَتَّى لَوْ عَلِمَ قَبْلَ مُضِيِّ الثَّلاثِ فَلَهُ الْخِيَارُ إِلَى تَمَامِ الثَّلاثِ، لأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَيْهَا قَلَّمَا يُمْكِنُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاثَةٍ، فَإِنَّ النُّقْصَانَ الَّذِي يَجِدُهُ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الثَّلاثِ، قَدْ يَحْمِلُهُ عَلَى اخْتِلافِ الْيَدِ وَتَبَدُّلِ الْمَكَانِ، فَجَعَلَ الشَّرْعُ الثَّلاثَ حَدًّا لَا يُجَاوَزُ، كَمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا تَأْخِيرَ لهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالتّصرية، فَإِنْ أَخَّرَ سَقَطَ حَقُّهُ مِنَ الرَّدِّ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، لأَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ.
وَالتَّقْدِيرُ بِالثَّلاثِ بِنَاءٌ لِلأَمْرِ عَلَى الْغَالِبِ، لأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَقِفُ عَلَيْهَا قَبْلَ الثَّلاثِ، لَا أَنَّ زَمَانَ الرَّدِّ يَتَقَدَّرُ بِهَا.
وَقَوْلُهُ: «لَا سَمْرَاءَ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْطِي غَيْرَ التَّمْرِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُ التَّمْرِ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ، كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ التَّمْرُ، وَلا يَجُوزُ إِعْطَاءُ غَيْرِهِ إِلا بِرِضَا الْبَائِعِ، فَإِنْ رَضِيَ بِجِنْسٍ آخَرَ فَكَأَنَّهُ اسْتَبْدَلَ عَنْ حَقِّهِ، فَيَجُوزُ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ، وَهُوَ أَصَحُّ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute