مَا حَلَبَهَا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو يُوسُفَ: يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا قِيمَةَ اللَّبَنِ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ.
وَالْمَعْنَى فِي إِيجَابِ صَاعٍ مِنَ التَّمْرِ بَعْدَ الْحَلْبِ، أَنَّ اللَّبَنَ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ لِنُقْصَانِهِ بِالْحَلْبِ، وَقَدْ حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ بَعْضُهُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، فَلا يَجِبُ رَدُّهُ، فَيَتَنَازَعَانِ فِي الْقَدْرِ الْمَوْجُودِ يَوْمَ الْعَقْدِ، فَالشَّرْعُ قَطْعُ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا بِإِيجَابِ بَدَلٍ مُقَدَّرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى قِلَّةِ اللَّبَنِ أَوْ كَثْرَتِهِ، كَمَا جَعَلَ دِيَةَ النَّفْسِ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، مَعَ اخْتِلافِ أَحْوَالِ النُّفُوسِ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَالْجَمَالِ وَالْقُبْحِ، وَسَوَّى بَيْنَ الأَصَابِعِ فِي الدِّيَةِ مَعَ اخْتِلافِهَا، وَهَذَا كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى امْرَأَةٍ حَامِلٍ، فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا مَيِّتًا أَوْجَبَ الشَّرْعُ عَلَى الْجَانِي غُرَّةً عَبْدًا أَوْ أَمَةً، عَلَى خِلافِ الْقِيَاسِ، لأَنَّهُمَا يَتَنَازَعَانِ فِي حَيَاتِهِ، فَيَدَّعِي الْجَانِي أَنَّهُ مَيِّتٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَيَقُولُ الْوَلِيُّ: كَانَ حَيًّا قَتَلْتَهُ فَعَلَيْكَ الدِّيَةُ.
فَقَطَعَ الشَّرْعُ مَادَةَ النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا بِإِيجَابِ الغُرَّةِ، كَذَلِكَ هَهُنَا.
٢١٠٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَا أَحَدُكُمُ اشْتَرَى لِقْحَةً مُصَرَّاةً، أَوْ شَاةً مُصَرَّاةً، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إِمَّا هِيَ، وَإِلا فَلْيَرُدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute