بِالْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إِذَا اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ، وَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ إِذَا هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ، إِلا فِيمَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، قَالَ: إِذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَأَعْتَقَهُ، عَتَقَ، وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ تَجِبُ الْقِيمَةُ، وَهُوَ الأَقْيَسُ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ.
فَأَمَّا إِذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَشَرَطَ الْوَلاءَ لِنَفْسِهِ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ، وَهُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ بَرِيرَةَ، أَنَّ أَهْلَهَا بَاعُوهَا وَشَرَطُوا لأَنْفُسِهِمِ الْوَلاءَ، ثُمَّ أَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْعَ، وَحَكَمَ بِبُطْلانِ الشَّرْطِ، وَقَاسُوا عَلَيْهِ سَائِرَ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي أَنَّهَا لَا تَمْنُعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ شَرْطَ الْوَلاءِ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْعِ، لَكِنَّ الْقَوْمَ رَغِبُوا فِي بَيْعِهَا لِلْعِتْقِ، وَطَمُعُوا فِي وَلائِهَا لِجَهْلِهِمْ بِالْحُكْمِ فِي أَنَّ الْوَلاءَ لَا يَكُونُ إِلا لِلْمُعْتِقِ، فَلَمَّا عُقِدَ الْبَيْعُ، وَزَالَ مِلْكُهُمْ عَنْهَا، وَأَعْتَقَتْهَا عَائِشَةُ، بَيَّنَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الشَّرْعِ، أَنَّ الْوَلاءَ لَا يَكُونُ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ» قُلْنَا: هَذِهِ اللَّفْظَةُ تَفَرَّدَ بِهَا هِشَامٌ، لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الرُّوَاةِ، فَإِنَّ ابْنَ شِهَابٍ، رَوَى عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: «ابْتَاعِي وَأَعْتِقي، فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»، وَقَالَتْ عَمْرَةُ، عَنْ عَائِشَةَ: «ابْتَاعِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَقَالَ الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ: «اشْتَرِيهَا وأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute