أَعْتَقَ» وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ «اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ».
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا أَوْلَى بِهِ، لأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي مَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى النَّاسِ شَرْطًا بَاطِلا، وَيَأْمُرُ أَهْلَهُ بِإِجَابَتِهِمْ إِلَى بَاطِلٍ، وَهُوَ عَلَى أَهْلِهِ فِي اللَّهِ أَشَدُّ، وَعَلَيْهِمْ أَغْلَظُ.
وَقِيلَ: لَوْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ، كَانَتْ مُتَأَوَّلَةً عَلَى مَعْنَى: لَا تُبَالِي وَلا تَعْبَئِي بِمَا يَقُولُونَ، فَإِنَّ الْوَلاءَ لَا يَكُونُ إِلا لِمُعْتِقٍ، لَا أَنَّهُ أَطْلَقَ لَهَا الإِذْنَ فِي اشْتِرَاطِ الْوَلاءِ.
بِدَلِيلِ مَا رَوَى عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اشْتَرِيهَا وأَعْتِقِيهَا وَدَعِيهِم يَشْتَرِطُوا مَا شَاءُوا» فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الْكَلامَ لَغْوٌ مِنْ جِهَتِهِمْ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ إِلَى أَن يُبَيِّنَ لَهُمُ الْحُكْمَ بَعْدَهُ.
وَتَأَوَّلَ الْمُزَنِيُّ قَوْلَهُ: «اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ» فَقَالَ: مَعْنَاهُ اشْتَرِطِي عَلَيْهِمُ الْوَلاءَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} [الرَّعْد: ٢٥] أَيْ: عَلَيْهِمُ اللَّعْنَةُ، وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الْإِسْرَاء: ٧] أَيْ: عَلَيْهَا.
وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: «اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ» عَلَى مَعْنَى الْوَعِيدِ الَّذِي ظَاهِرُهُ الأَمْرُ وَبَاطِنُهُ النَّهْيُ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠].
وَقَوْلُهُ: «مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتابِ اللَّهِ» يُرِيدُ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى حُكْمِ كِتَابِ اللَّهِ، وَعَلَى مُوجَبِ قَضَايَاهُ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute