لَيْسَ مَنَّا مَنْ غَشَّنَا».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَقَوْلُهُ: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي» لَمْ يُرِدْ بِهِ نَفْيُهُ عَنْ دِينِ الإِسْلامِ، إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ تَرَكَ اتِّبَاعِي، إِذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِنَا وَأَفْعَالِنَا، أَوْ لَيْسَ هُوَ عَلَى سُنَّتِي وَطَرِيقَتِي، فِي مُنَاصَحَةِ الإِخْوَانِ، هَذَا كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: أَنَا مِنْكَ يُرِيدُ بِهِ الْمُوَافَقَةَ وَالْمُتَابَعَةَ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إِبْرَاهِيم: ٣٦] وَالْغِشُّ: نَقِيضُ النُّصْحِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَشَشِ، وَهُوَ الْمَشْرَبُ الْكَدِرُ.
قَالَ الإِمَامُ: وَالتَّدْلِيسُ فِي الْبَيْعِ حَرَامٌ، مِثْلَ أَنْ يُخْفَيَ الْعَيْبَ، أَوْ يُصِّرِيَ الشَّاةَ، أَوْ يُغَمِّرَ وَجْهَ الْجَارِيَةَ، فَيَظُنُّهَا الْمُشْتَرِي حَسْنَاءَ، أَوْ يُجَعِّدَ شَعْرَهَا، غَيْرَ أَنَّ الْبَيْعَ مَعَهُ يَصِحُّ، وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إِذَا وَقَفَ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، ابْتَاعَ وَلِيدَةً مِنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، فَوَجَدَهَا ذَاتَ زَوْجٍ فَرَدَّهَا.
وَلَوِ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ مَا هَلَكَ مَا اشْتَرَاهُ فِي يَدِهِ، أَوْ كَانَ عَبْدًا قَدْ أَعْتَقَهُ، فَيَرْجِعُ بِالأَرْشِ، وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ: كَمْ نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ قِيمَتِهِ، فَيَسْتَرْجِعُ بِنِسْبَتِهِ مِنَ الثَّمَنِ.
وَقَالَ شُرَيْحٌ: لَا يُرَدُّ الْعَبْدُ مِنَ الادفان، وَيُرَدُّ مِنَ الإِبَاقِ الْبَاتِّ، وَالادِّفَانِ: أَنْ يَرُوغَ عَنْ مَوَالِيهِ الْيَوْمَ أَوِ الْيَوْمَيْنِ، وَلا يَغِيبَ عَنِ الْمِصْرِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ الرَّقِيقَ مِنَ الْعَبَّسِ، وَهُوَ الْبَوْلُ فِي الْفِرَاشِ، فَأَمَّا إِذَا بَاعَ عَبْدًا قَدْ أَلْبَسَهُ ثَوْبَ الْكَتَبَةِ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute