زَيَّاهُ بِزِيِّ أَهْلِ حِرْفَةٍ، فَظَنَّهُ الْمُشْتَرِي كَاتِبًا أَوْ مُحْتَرِفًا بِتِلْكَ الْحِرْفَةِ، فَلَمْ يَكُنْ، فَلا خِيَارَ لَهُ عَلَى أَصَحِّ الْمَذْهَبِ، لأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَلْبَسُ ثَوْبَ الْغَيْرِ عَارِيَةً، وَالْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي اغْتَرَّ بِهِ فَلا خِيَارَ لَهُ.
وَلَوْ كَذَبَ الْبَائِعُ فِي رَأْسِ الْمَالِ، فَكَذَلِكَ يَصِحُّ مَعَهُ الْبَيْعُ، وَلا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إِلا فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا، ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً، وَكَذَبَ فِي رَأْسِ مَالِهِ، بِأَنْ كَانَ قَدِ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ بِمِائَةٍ وَعَشْرَةٍ، فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَهَلْ تَحُطُّ الْخِيَانَةُ؟ فِيهِ قَوْلانِ، أَحَدُهُمَا: لَا تَحُطُ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّانِي، وَهُوَ الأَصَحُّ: تَحُطُّ الْخِيَانَةُ وَلا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: إِنَّ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ، وَإِنْ حُطَّتِ الْخِيَانَةُ.
وَلَوِ اشْتَرَى شَيْئًا فَوَلاهُ الْغَيْرُ أَوْ أَشْرَكَهُ فِيهِ، يَجُوزُ إِذَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَبَيَّنَ قَدْرِ الشَّرِكَةِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ عَقْدٍ جَدِيدٍ يَعْقِدُهُ الْمُشْتَرِي، لَا يَجُوزُ إِلا بَعْدَ قَبْضِ مَا اشْتَرَاهُ، فَإِنْ كَذَبَ فِي رَأْسِ الْمَالِ فِيهِمَا لَا تَصِحُّ التَّوْلِيَةُ وَالتَّشْرِيكُ، لأَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِي فِيهِمَا يَنْبَنِي عَلَى الأَوَّلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute