للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَرِيحًا.

وَيَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ عَامَّ الْوُجُودِ عِنْدَ الْمَحِلِّ الْمَشْرُوطِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوجَدُ نَادِرًا لَا يَصْلُحُ السَّلَمُ فِيهِ.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ، فَأَجَازَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَلَمْ يُجَوِّزْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ، عَلَى أَنَّ السَّلَمَ يَجُوزُ فِيمَا يَكُونُ مُنْقَطِعًا فِي الْحَالِ، إِذَا ضَرَبَ لَهُ أَجَلا يُوجَدُ فِيهِ غَالِبًا، أَوْ يَكُونُ مَوْجُودًا فِي الْحَالِ، وَيَنْقَطِعُ قَبْلَ الْمَحَلِّ، ثُمَّ يُوجَدُ عِنْدَ الْمَحَلِّ، لأَنَّ الثَّمَرَ اسْمٌ لِلرُّطَبِ وَالْيَابِسِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ اسْمٌ لِلرُّطَبِ لَا غَيْرَ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْحَدِيثُ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمَرِ، أَرَادَ بِهِ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالْيَابِسِ، ثُمَّ أَجَازَ السَّلَمَ فِي الثَّمَرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاثَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرُّطَبَ مِنْهَا يَنْقَطِعُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ، وَلا يُوجَدُ إِلا فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ مِنْهَا، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمَ إِلا فِيمَا يَكُونُ عَامَ الْوُجُودِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى الْمَحَلِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.

وَفِيه دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ مُؤَجَّلا يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ الأَجَلُ مَعْلُومًا بِالسِّنِينَ أَوْ بِالشُّهُورِ أَوْ بِالأَيَّامِ، أَوْ يُسْلَمُ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ، مِثْلَ مَجِيءِ شَهْرِ كَذَا، أَوْ إِلَى عِيدِ كَذَا، أَوْ نَحْوَهُ، فَإِنْ ذَكَرَ أَجَلا مَجْهُولا مِثْلَ: الْحَصَادِ، وَالْعَطَاءِ، وَقُدُومِ الْحَاجِّ، فَلا يَصِحُّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَبِيعُوا إِلَى الْعَطَاءِ، وَلا إِلَى الأَنْدَرِ، وَلا إِلَى الدِّيَاسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>