للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ حَالا، فَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ: إِذَا أَجَازَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضْمُونًا إِلَى أَجَلٍ، كَانَ حَالا أَجْوَزَ، وَمِنَ الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ أَبْعَدَ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلا مُؤَجَّلا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الأَجَلَ كَمَا ذَكَرَ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ، كَذَلِكَ ذَكَرَ الأَجَلَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ ذِكْرُ الأَجَلِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ، بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ إِذَا ذُكِرَ الأَجَلُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَكَذَلِكَ ذِكْرُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ، فَإِنَّ السَّلَمَ جَائِزٌ فِيمَا لَيْسَ بِمَكِيلٍ وَلا مَوْزُونٍ، مِثْلَ: الثِّيَابِ وَالْخَشَبِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ، لَمَا جَازَ السَّلَمُ إِلا فِي الْمَكِيلِ أَوِ الْمَوْزُونِ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ يَجِبُ بَيَانُ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ وَكَذَا الأَجَلُ.

قَالَ الإِمَامُ: وَإِذَا ذَكَرَ الأَجَلَ مَعْلُومًا، يَلْزَمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، يَلْزَمِ الأَجَلُ حَتَّى لَا تَجُوزُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ قَبْلَ الْمَحَلِّ.

وَأَمَّا الْقَرْضُ، فَاخْتَلَفُوا فِي لُزُومِ الأَجَلِ فِيهِ، فَذَهَب قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى لُزُومِهِ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ.

وَإِذَا أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ لَا يَجُوزُ الاسْتِبْدَالُ عَنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَجَوَّزَ مَالِكٌ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ الاسْتِبْدَالَ إِذَا قَبَضَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ تَبَرَّعَ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ بِأَجْوَدِ مِمَّا وَصَفَ، أَوْ رَضِيَ الْمُسْلِمُ بِالأَرْدَإِ وَالنَّوْعُ وَاحِدٌ، فَجَائِزٌ بِالاتِّفَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>