للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَجْنُونِ، لأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِ فِي شَيْءٍ مَا، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الْبَقَرَة: ٢٨٢]، وَقَالَ مَالِكٌ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ، عَلَى الْجِرَاحِ الَّتِي تَقَعَ فِي مَحَلِّ اجْتِمَاعِهِمْ مَا لَمْ يَتَفَرَّقُوا، وَلا تُقْبَلُ فِي غَيْرِهَا، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.

وَكَانَ شُرَيْحٌ يُجِيزُ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ قَالَ: لَا تَجُوزُ، لأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [الْبَقَرَة: ٢٨٢] وَالْعَدَالَةُ شَرْطُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ، وَحَدُّهَا: أَنْ يَكُونَ مُحْتَرِزًا عَنِ الْكَبَائِرِ، غَيْرَ مُصِرٍّ عَلَى الصَّغَائِرِ، وَالْخَائِنُ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، لِفِسْقِهِ وَخُرُوجِهِ عَنِ الْعَدَالَةِ بِالْخِيَانَةِ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا نَرَاهُ خَصَّ بِهِ الْخِيَانَةَ فِي أَمَانَاتِ النَّاسِ دُونَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ وَأَتمَنَهُمْ عَلَيْهِ، فَمَنْ ضَيَّعَ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، أَوْ رَكِبَ شَيْئًا مِمَّا نَهَاهُ اللَّهُ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدْلا، لأَنَّهُ لَزِمَهُ اسْمَ الْخِيَانَةِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ قَلِيلا يُمَحِّضُ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ، حَتَّى لَا يَخْلِطَهُمَا بِمَعْصِيَةٍ، وَلا يُمَحِّضُ الْمَعْصِيَةَ وَتَرْكَ الْمُرُوءَةِ، حَتَّى لَا يَخْلِطَهُمَا بِشَيْءٍ مِنَ الطَّاعَةِ وَالْمُرُوءَةِ، فَإِذَا كَانَ الأَغْلَبُ الأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِذَا كَانَ الأَغْلَبُ الأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الْمَعْصِيَةَ وَخِلافَ الْمُرُوءَةِ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمَّنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>