احْتَالَ بِحِيلَةٍ يُتْلِفُ بِهَا مَالَهُ، وَيُقَالُ: الْغِيلَةُ هِيَ أَنْ يَخْدَعَهُ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى مَوْضِعٍ يَخْتَفِي فِيهِ، ثُمَّ يَقْتُلُهُ، يُقَالُ: لَا تَنْفَعُ حِيلَةٌ مِنْ غِيلَةٍ، وَالْفَتْكُ: هُوَ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلَ وَهُوَ غَافِلٌ، فَيَشُدُّ عَلَيْهِ، فَيَقْتُلُهُ، وَقَوْلُهُ: «لَوْ تَمَالأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ» أَيْ: تَعَاوَنُوا وَاجْتَمَعُوا، وَالْمَلأُ: الْجَمَاعَةُ مِنْ أَشْرَافِ الْقَوْمِ كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُ عُثْمَانَ، وَلا مَالأْتُ عَلَى قَتْلِهِ»، أَيْ: مَا سَاعَدْتُ، وَلا عَاوَنْتُ.
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالُوا: إِذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَتْلِ وَاحِدٍ، يُقْتَلُونَ بِهِ قِصَاصًا، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ: لَا قِصَاصَ أَصْلا.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَيَقْتُلَهُ، وَيَأْخُذَ مِنَ الْبَاقِينَ حِصَّتَهُمْ مِنَ الدِّيَةِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ مُعَاذٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ.
وَلَوْ قَطَعَ جَمَاعَةٌ يَدَ وَاحِدٍ، أَوْ طَرَفًا مِنْ أَطْرَافِهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ أَنَّهُمْ يُقْطَعُونَ بِهِ كَمَا يُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ، قَالَ مُطَرِّفٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ: فَقَطَعَهُ عَلِيٌّ، ثُمَّ قَالا: أَخْطَأْنَا، فَأَبْطَلَ شَهَادَتَهُمَا، وَأَخَذَ بِدِيَةِ الأَوَّلِ، وَقَالَ: «لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا»، وَإِلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute