ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ: إِنَّمَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي بِيَدٍ وَاحِدَةٍ، إِذَا وُجِدَ فِعْلُ الْكُلِّ فِي قَطْعِ جَمِيعِ الْيَدِ، بِأَنْ وَضَعُوا السِّكِّينَ عَلَيْهَا، وَتَحَامَلُوا عَلَيْهِ حَتَّى أَبَانُوا الْيَدَ، فَأَمَّا إِذَا قَطَعَ وَاحِدٌ مِنْ جَانِبٍ، وَالآخَرُ مِنْ جَانِبٍ حَتَّى الْتَقَى السِّكِّينَانِ، فَلا تُقْطَعُ أَيْدِيهِمَا بِهِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الأَطْرَافَ لَا تُقْطَعُ بِطَرَفِ وَاحِدٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَلَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ، يُقْتَلُ الْقَاتِلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ دِيَةُ الْبَاقِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ وَاحِدٌ أَيْدِيَ جَمَاعَةٍ، تُقْطَعُ يَدُهُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمْ، وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْبَاقِينَ، وَعِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ يُقْتَلُ الْوَاحِدُ بِالْجَمَاعَةِ، وَلا يَجِبُ شَيْءٌ مِنَ الدِّيَةِ، كَمَا يُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ.
وَلَوْ قَطَعَ أَيْدِيَ جَمَاعَةٍ، تُقْطَعُ يَدُهُ بِهِمْ جَمِيعًا، وَيُكَمِّلُ حُقُوقَهُمْ بِالدِّيَةِ، وَإِذَا اشْتَرَكَ رَجُلانِ فِي قَتْلِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَأَحَدُهُمَا مُخْطِئٌ، فَلا قِصَاصَ عَلَى الْعَامِدِ فِي النَّفْسِ بِالاتِّفَاقِ.
وَلَوْ شَارَكَ الأَبُ أَجْنَبِيًّا فِي قَتْلِ الْوَلَدِ، فَلا قِصَاصَ عَلَى الأَبِ، وَيُقْتَلُ بِهِ الأَجْنَبِيُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا قِصَاصَ عَلَى شَرِيكِ الأَبِ، كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى شَرِيكِ الْخَاطِئِ، وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ شُبْهَةَ الأُبُوَّةِ فِي ذَاتِ الأَبِ، وَذَاتُهُ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ ذَاتِ شَرِيكِهِ، فَلَمْ تَصِرْ شُبْهَةً فِي حَقِّ الشَّرِيكِ، وَشُبْهَةُ نَفْسِ الْخَطَإِ فِي الْفِعْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُوصَفُ الْفِعْلُ بِالْخَطَإِ، وَفِعْلُ الْخَاطِئِ وَالْعَامِدِ مُجْتَمِعَانِ فِي مَحَلِّ الْقَتْلِ، فَانْتَصَبَ شَبَهةً فِي مَنْعِ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ.
وَلَوْ أَمْسَكَ رَجُلا حَتَّى قَتَلَهُ الآخَرُ، فَلا قَوَدَ عَلَى الْمُمْسِكِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَ امْرَأَةً حَتَّى زَنَى بِهَا آخَرُ، لَا حَدَّ عَلَى الْمُمْسِكِ، وَقَالَ مَالِكٌ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute