واخْتلف أهْلُ الْعِلْمِ فِي الْأَجِير للْعَمَل، وَحفظ الدَّوَابّ يحضر الْوَقْعَة هَل يُسهم لهُ؟، فقدْ قِيل: لَا يُسهم لهُ، قَاتل أوْ لمْ يُقَاتل، إِنّما لهُ أجره عمله، وهُو قوْل الأوْزاعِي، وَإِسْحَاق، وَأحد أَقْوَال الشّافِعِي.
وقِيل: يُرضخ لهُ، وقِيل: يُسهم لهُ إِذا قَاتل، فإِن لمْ يُقاتل، فَلَا سهم لهُ، وهُو قوْل الثّوْرِي، وَأحد أَقْوَال الشّافِعِي، وَقَالَ مالِك، وأحْمد: يُسهم لهُ، وَإِن لمْ يُقَاتل إِذا كَانَ مَعَ النّاس عِنْد الْقِتَال، وهُو قوْل الْحسن، وَابْن سِيرِين، وقِيل: يخيّر بيْن الْأُجْرَة والسهم، فإِن ترك أُجْرَة عمله، فَلهُ السهْم، وَإِن طلب الْأُجْرَة، فَلَا سهم لهُ.
وقدْ رُوِي عنْ يحْيى بْن أبِي عمْرو السيباني، عنْ عبْد اللهِ بْن الديلمي، أَن يعلى بْن مُنية، قَالَ: أذن رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالغزو وَأَنا شيخ كَبِير ليْس لي خدم، فَالْتمست أَجِيرا يَكْفِينِي، وَأجْرِي لهُ سهمي، فَوجدت رجلا، فَلَمَّا دنا الرحيل، أَتَانِي، فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا السهْمَان فسمِّ لي شيْئًا، فسميت لهُ ثَلَاثَة دَنَانِير، فَلَمَّا حضرتْ غنيمَة، أردْت أَن أجري لهُ سَهْمه، فَذكرت الدَّنَانِير، فَجئْت النّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذكرت لهُ أمره، فَقَالَ: «مَا أجِدُ لهُ فِي غزوتِهِ هذِهِ فِي الدُّنْيا والآخِرةِ إِلّا دنانِيرهُ الّتي سمّى».
فَأَما إِذا اُسْتُؤْجِرَ الرجل للْجِهَاد، فَالْإِجَارَة بَاطِلَة، وإِذا حضر الْوَقْعَة، فَلَا سهم لهُ، لِأَنَّهُ يعْمل لغيره، وقِيل: يسْتَحق السهْم، لِأَن جهاده يَقع عنْ نَفسه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute