وَإِن كَانَ لَا يُشْبعُ الشِّبع التَّام، وقدْ أَبَاحَ لهُمْ مَعَ ذلِك تنَاول الْميتَة، فَكَانَ دلَالَته أَن تنَاول الْميتَة مُبَاح إِلى أَن تَأْخُذ النَّفس حَاجَتهَا من الْقُوت، وتشبع، وَإِلَى هَذَا ذهب مالِك بْن أنس، وهُو أحد قولي الشّافِعِي، لِأَن الْحَاجة مِنْهُ قَائِمَة إِلى الطَّعَام.
وَقَالَ أبُو حنِيفة: لَا يجوز أَن يتَنَاوَل مِنْهُ إِلَّا قدر مَا يُمسك رمقه وهُو القَوْل الآخر للشَّافِعِيّ، وإِليْهِ ذهب المزنيُّ، وذلِك لِأَنَّهُ لَو كَانَ فِي الِابْتِدَاء بِهذِهِ الْحَال، لمْ يجز لهُ أَن يَأْكُل شيْئًا مِنْهَا، فَكَذَلِك إِذا بلغَهَا بعد تنَاولهَا، ورُوِي نَحْو هَذَا عنِ الْحسنِ الْبصْرِيِّ، وَقَالَ قَتَادَة: لَا يتضلعُ مِنْهَا.
قَالَ الإِمامُ الْحدِيث يدل على أَن الْمُضْطَر إِذا وجد من الطَّعَام الْمُبَاح مَا يُمسك رمقه، فتناوله، ولمْ يحصل مِنْهُ الشِّبَع، جَازَ لهُ تناولُ الْميتَة أيْضًا حتّى يشْبع، لِأَن الْقدح من اللَّبن بِالْغَدَاةِ، والقدح بالعشيِّ يمسك رمقه، وَمَعَ ذلِك أَبَاحَ لهُ الْميتَة، فَأَما من كَانَ مُحْتَاجا إِلى الطَّعَام، ولمْ يبلغ حَالَة الِاضْطِرَار بِأَن كَانَ لَا يخَاف على نَفسه التّلف، فاتفقوا على أنّهُ لَا يحلُّ لهُ تنَاول الْميتَة، وَقَالَ مالِك: الْمُضْطَر إِلى الميتةِ يَأْكُل مِنْهَا حتّى يشْبع ويتزود مِنْهَا، فإِن وجد عنْها غنى، طرحها.
٣٠٠٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيرْبَنْدُ كُشَائِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِرَاجٍ الطَّحَّانُ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشٍ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَجُلا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute