بِالأَرْضِ فَيُصِيبُنَا بِهَا الْمَخْمَصَةُ، فَمَتَى تَحِلُّ لَنَا الْمَيْتَةُ؟ فَقَالَ: «مَا لَمْ تَصْطَبِحُوا، أَوْ تَغْتَبِقُوا، أَوْ تَحْتَفِئُوا بِهَا بَقْلا، فَشَأْنَكُمْ بِهَا»
قوْله: «أوْ تحْتفِئُوا بِها بقْلا»، قَالَ أبُو عُبيْد: أنّهُ من الحفاء مَهْمُوز مَقْصُور، وهُو أصل البردي الْأَبْيَض الرطب مِنْهُ، وهُو يُؤْكَل، يقُول: مَا لمْ تقتلعوا هَذَا بِعَيْنِه، فتأكلوه، وقِيل: صَوَابه «مَا لمْ تحتفوها بِها بقلا» مخفف الْفَاء غيْر مَهْمُوز وكل شيْء استؤصل فقد احتفى، وَمِنْه إحفاء الشّعْر، يُقَال: احتفى الرجل يحتفي: إِذا أَخذ من وَجه الأرْض بأطراف أصابِعه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لَا أعرف «تحتفئوا»، وَلَكِن أَرَاهَا «تختفوا»، يقُول بِالْخَاءِ مُعْجمَة، أَي: تقتلعونه من الأرْض وتظهرونه، يُقَال: اختفيت الشَّيْء، أَي: أخرجته، وَمِنْه سمي النباش المختفي، لِأَنَّهُ يسْتَخْرج الأكفان، يُقَال: خفيت الشَّيْء: إِذا أظهرته، وأخفيته: إِذا سترته.
وَقَرَأَ الْحسن: ٠ أكاد أخفيها ٠، بِالْفَتْح، أَي: أظهرها.
قَالَ أَعْرَابِي: لَعَلَّهَا تجتفئوا، يعْنِي بِالْجِيم، أَي: تقتلعونه وترمون بِهِ من قَوْلك: جفأتُ الرجل: إِذا ضربت بِهِ الأرْض، وجفأتِ القِدرُ بزبدها، إِذا رمت.
قَالَ أبُو عُبيْد: معنى الْحدِيث إِنّما لكم مِنْهَا، يعْنِي من الْميتَة الصبوحُ: وهُو الْغَدَاء، أوِ الغبوق: وهُو الْعشَاء، يقُول: فليْس لكم أَن تجمعوهما من الميتةِ، وأنكروا هَذَا عنْ أبِي عُبيد،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute