للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمضى، وَترك التَّقْدِيم بَين يَدَيْهِ، وإعظام حَقه، وتعزيزه وتوقيره ومؤازرته ونصرته وإحياء طَرِيقَته فِي بَث الدعْوَة، وإشاعة السّنة، وَنفي التُّهْمَة فِي جَمِيع مَا قَالَه ونطق بِهِ، كَمَا قَالَ جلّ ذكره: {فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النِّسَاء: ٦٥]، وَقَالَ عز اسْمه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النَّجْم: ٣].

وَأما النَّصِيحَة لأئمة الْمُسلمين، فالأئمة هُم الْوُلَاة مِن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين فَمن بعدهمْ مِمَّن يَلِي أَمر هَذِه الْأمة، وَيقوم بِهِ، فَمن نصيحتهم بذل الطَّاعَة لَهُم فِي الْمَعْرُوف، وَالصَّلَاة خَلفهم، وَجِهَاد الْكفَّار مَعَهم، وَأَدَاء الصَّدقَات إِلَيْهِم، وَترك الْخُرُوج عَلَيْهِم بِالسَّيْفِ إِذا ظهر مِنْهُم حيف، أَو سوء سيرة، وتنبيههم عِنْد الْغَفْلَة، وَألا يغروا بالثناء الْكَاذِب عَلَيْهِم، وَأَن يدعى بالصلاح لَهُم.

وَقد يتَأَوَّل ذَلِكَ أَيْضا فِي الْأَئِمَّة الَّذين هُم عُلَمَاء الدّين، فَمن نصيحتهم قبُول مَا رَوَوْهُ إِذا انفردوا، وتقليدهم ومتابعتهم عَلَى مَا رَوَوْهُ إِذا اجْتَمعُوا.

وَأما نصيحة الْمُسلمين، فجماعها إرشادهم إِلَى مصالحهم مِن تَعْلِيم مَا يجهلونه مِن أَمر الدّين، وَأمرهمْ بِالْمَعْرُوفِ، ونهيهم عَن الْمُنكر، والشفقة عَلَيْهِم، وتوقير كَبِيرهمْ، والترحم عَلَى صَغِيرهمْ، وتخولهم بِالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة، كَمَا أرشد اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِ فِي قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النَّحْل: ١٢٥]، قِيلَ: إِن المجادلة بِالَّتِي هِيَ أحسن: مَا كَانَ نَحْو قَوْله عز وَجل حِكَايَة عَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مَرْيَم: ٤٢]، وَقَوله

<<  <  ج: ص:  >  >>