اللَّهِ» وَلَيْسَ معنى النَّهْي عَن التَّخْيِير أَن يعْتَقد التَّسْوِيَة بَينهم فِي درجاتهم، فَإِن الله عز وَجل قد أَخْبَرَنَا أَنه فضل بَعضهم على بعض، فقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[الْبَقَرَة: ٢٥٣] الْآيَة، بل مَعْنَاهُ ترك التَّخْيِير على الإزراء ببعضهم، والإخلال بِالْوَاجِبِ من حُقُوقهم، فَإِنَّهُ يكون سَببا لفساد الِاعْتِقَاد فِي بَعضهم وَذَلِكَ كفر.
فَإِن قيل: قد روى عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:" لَا تفضلوا بَين أَنْبيَاء الله، وَلَا أَقُول: إِن أحدا أفضل من يُونُس بْن مَتى ".
وَعَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:" مَا يَنْبَغِي لعبد أَن يَقُول: إِنِّي خير من يُونُس بْن مَتى «فَكيف وَجه الْجمع بَين هَذَا، وَبَين قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام» أَنا سيد ولد آدم " قيل: التَّوْفِيق بَين الْمُحدثين وَاضح، وَذَلِكَ أَن قَوْله «أَنا سيد ولد آدم» إِنَّمَا هُوَ إِخْبَار عَمَّا أكْرمه الله بِهِ من الْفَضْل والسؤدد، وتحديث بِنِعْمَة الله عَلَيْهِ، قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}[الضُّحَى: ١١] وإعلام لأمته وَأهل دَعوته علو مَكَانَهُ عِنْد ربه، وَكَانَ بَيَان ذَلِك للْأمة من اللَّازِم الْمَفْرُوض عَلَيْهِ، ليَكُون إِيمَانهم بِهِ على حسب ذَلِك.