وَقَوله: " لَا يَنْبَغِي لعبد أَن يَقُول: إِنِّي خير من يُونُس، ويروى من قَالَ: أَنا خير من يُونُس بْن مَتى، فقد كذب، فقد قيل: أَرَادَ بِهِ من سواهُ من النَّاس دون نَفسه، وَقيل: هُوَ عَام فِيهِ وَفِي غَيره، وَكَانَ ذَلِك مِنْهُ على سَبِيل إِظْهَار التَّوَاضُع لرَبه، يَقُول: لَا يَنْبَغِي لي أَن أقوله، لِأَن الْفَضِيلَة الَّتِي نلتها كَرَامَة من الله وخصوصية مِنْهُ، لم أنلها من قبل نَفسِي، وَلَا بلغتهَا بحولي وقوتي، وَإِنَّمَا خص يُونُس بِالذكر، وَالله أعلم، لما قد قصّ الله علينا من شَأْنه، وَمَا كَانَ من قلَّة صبره على أَذَى قومه، حَتَّى قَالَ لرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ}[الْقَلَم: ٤٨]{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}[الْأَحْقَاف: ٣٥]، وَالله أعلم.