قَرِيبَانِ مِنَ السَّوَاءِ، كَرَّرَ ذِكْرَهُمَا لاخْتِلافِ اللَّفْظَيْنِ تَأْكِيدًا، وَالْمُرَادُ بِلِينِ الْقُلُوبِ: سُرْعَةُ خُلُوصِ الإِيمَانِ إِلَى قُلُوبِهِم، وَيُقَالُ: إِنَّ الْفُؤَادَ غِشَاءُ الْقَلْبِ، وَالْقَلْبُ حَبَّتُهُ وَسُوَيْدَاؤُهُ، فَإِذَا رَقَّ الْغِشَاءُ، أَسْرَعَ نُفُوذُ الشَّيْءِ إِلَى مَا وَرَاءِهِ.
وَقِيلَ: قَوْلُهُ: «الإِيمَانُ يَمَانٍ»، أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ مَكِّيٌّ، لأَنَّهُ بَدَأَ مِنْ مَكَّةَ، وَأَضَافَ إِلَى الْيَمَنِ، لأَنَّ مَكَّةَ مِنْ أَرْضِ تِهَامَةَ، وَتِهَامَةُ مِنْ أَرْضِ الْيَمِن، فَتَكُونُ مِكَّةُ عَلَى هَذَا يَمَانِيَّةً، وَقِيلَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا الْكَلامَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِتَبُوكَ نَاحِيَةَ الشَّامِ وَمَكَّةَ، وَالْمَدِينَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَمَنِ فَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةِ الْيَمَنِ، وَهُوَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، يُرِيدُ: الإِيمَانَ مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ، كَمَا يُقَالُ: سُهَيْلٌ الْيَمَانِيُّ، لأَنَّهُ يَبْدُو مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ، وَقِيلَ: هُمُ الأَنْصَارُ، لأَنَّهُمْ نَصَرُوا الإِيمَانَ، وَهُمْ يَمَانِيَّةٌ، فَنُسِبَ الإِيمَانُ إِلَيْهِمْ.
وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غِلَظُ الْقُلُوبِ وَالْجَفَاءُ فِي الشَّرْقِ، وَالإِيمَانُ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ».
وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ الأَنْصَارَ، وَكَذَلِكَ فِيمَا يُرْوَى مَرْفُوعًا: «أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ»، قِيلَ: عَنَى بِهِ الأَنْصَارَ، لأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَفَّسَ الْكَرْبَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ وَهُوَ يَمَانُونَ.
٤٠٠٢ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُسَدَّدٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute