نَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: «الإِيمَانُ يَمَانٍ هَهُنَا، أَلا إِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ وَفِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ
قَوْلُهُ: «فِي الْفَدَّادِينَ»، قَالَ أَبُو عَمْرٍو: قَالَ فِي «الْفَدَادِينَ»، مُخَفَّفَةٌ وَاحِدُهَا فَدَانٌ بِغَيْرِ التَّشْدِيدِ وَهِيَ الْبَقَرَةُ الَّتِي يُحْرَثُ عَلَيْهَا، وَأَهْلُهَا أَهْلُ جَفَاءٍ لِبُعْدِهِمْ مِنَ الأَمْصَارِ، وَالأَكْثَرُونَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهَا مُشَدَّدَةٌ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هُمُ الْجَمَّالُونَ، وَالْبَقَّارُونَ، وَالْحَمَّارُونَ، وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: هُمُ الَّذِينَ تَعْلُو أَصْوَاتُهُمْ فِي حُرُوثِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَمَوَاشِيهِمْ، وَيُقَالُ: فَدَّ الرَّجُلُ يَفِدُّ فَدِيدًا: إِذَا اشْتَدَّ صَوْتُهُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْفَدَّادُونَ: هُمُ الْمُكْثِرُونَ مِنَ الإِبِلِ الَّذِي يَمْلِكُ أَحَدُهُمُ الْمِئَتَيْنِ مِنْهَا إِلَى الأَلْفِ وَهُمْ جُفَاةٌ وَأَهْلُ خُيَلاءَ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «إِنَّ الأَرْضَ تَقُولُ لِلْمَيِّتِ رُبَّمَا مَشِيتَ عَلَيَّ فَدَّادًا»، أَيْ: ذَا مَالٍ كَثِيرٍ وَذَا خُيَلاءَ، وَفِي الْجُمْلَةِ ذَمُّ ذَلِكَ، لأَنَّهُ يَشْغَلُ عَنْ أَمْرِ الدِّينِ، وَيُلْهِي عَنِ الآخِرَةِ، فَيَكُونُ مَعَهَا قَسَاوَةُ الْقَلْبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute