للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا المعاء طويل ملتف ليطول بقاء الغذاء فيه ليستوفي منه الكبد ما يحتاج أن يأخذ منه من الغذاء والذي يأخذه من هذه الثلاثة إنما هو الدقيق الجرم. وأما ما لم يتم هضمه ولم تكمل رقة قوامه، فإن أخذ الكبد له كالمتعذر فلذلك احتيج أن يبقى الغذاء في معاء آخر مدة طويلة ليتم انهضام باقي الغذاء فيه فلا يبقى منه ما يتعذر نفوذه إلى الكبد، وإنما يمكن بقاء الغذاء في ذلك المعاء مدة طويلة إذا كان كثير التلافيف جداً كثير الطول أو كان ذا فم واحد ليكون الفم الذي يدخل فيه الغذاء هو الذي يخرج منه ولابد من أن يكون مع ذلك شديد القرب من الكبد حتى يمكن عملها فيه وأخذها الغذاء منه ويلزم ذلك أن يكون هذا المعاء على الوجه الثاني اعلأي يكون ذا فم واحد إذ لو كان على الوجه الأول أعني كثير الطول كثير التلافيف لم يتسع المكان حتى تكون جميع أجزائه بقرب الكبد فلا بد أن يكون على الوجه الثاني وهو أن يكون ذا فم واحد وإنما يمكن ذلك بأن يكون طرفه الأخير وهو الذي في اليمين مسدوداً أعني أنه لا يكون له هناك فم، ويكون طرفه الأخير وهو البعيد عن الكبد متصلاً بما بعده من الأمعاء وتكون المعاء المعروف بالدقيق نافذاً في جرمه عند قرب اتصاله بالمعاء الذي بعده وهذا المعاء يسمى بالأعور وهو متسع كأنه كيس والغرض بذلك أن يكون فيه الغذاء مدة طويلة ليتم انهضامه فيه، ويكثر ما يأخذه الكبد منه وأما المعاء الذي بعده وهو الذي يتصل بفمه فيجب فيه أن لا يكون مستقيماً وذلك لأن الغذاء إذا تم انهضامه في المعاء الأعور فإن الواصل منه إلى الكبد إنما يكون بما هو بقرب ظاهره فقط. وإما أن يكون في عمقه فإنه لا يتمكن من الرشح حتى يأخذه الكبد إلا بأن يصير بقرب الظاهر وذلك إنما يمكن بأن ينفذ في معاء كثير التلافيف طويل حتى يحدث بسبب ذلك الغذاء تغير في أو ضاعه فإذا صار ما كان في عمق المعاء الأعور في قرب ظاهر هذا المعاء الذي بعده يمكن من الترشح حتى يأخذه الكبد بنفسها وبانتشاف العروق التي هناك ثم نقلها إياه إلى الكبد من العرق المسمى بالباب فلذلك المعاء الذي يندفع إليه الغذاء من المعاء الأعور لابد من أن يكون كثير الطول كثير التلافيف فلذلك يستحيل أن يكون هو المعاء المستقيم المسمى بالسرم فلا بد من أن يكون غيره ومن ذلك المعاء يجب أن ينفذ الثفل إلى المعاء المستقيم لأنه يكون حينئذٍ قد يخلص من الغذاء الذي يحتاج إلى نفوذه إلى الكبد وبقي ثفلاً فقط، ومن ذلك المعاء المستقيم يندفع إلى خارج برازاً، وهذه المعاء الذي يندفع إليه الغذاء من المعاء الأعور هو المعاء المسمى بالقولون وسمي بذلك لأن حدوث القولنج في أكثر الأمر يكون فيه وذلك لأن الغذاء يندفع إليه من الأعور. وهو كثير مجتمع قد غلظ جرمه بكثرة ما انفصل من المعاء من المعدة الرقيق الرطب الصافي، وإذا كان هذا المندفع كذلك وجب في كثير من الأحوال أن تحدث شدة لأن الغذاء ينتقل إليه بعد أن كان في وعاء متسع فينتقل من سعة إلى مضيق وذلك محدث للشدة فلذلك الانسداد الحادث في الأمعاء المحدث للقولنج الحقيقي، إنما يحدث في هذا المعاء ولذلك يسمى قولون مشتقاً من اسم القولنج وهذه الثلاثة جرمها غليظ ليكون قوياً فلا تنخرق بقوة تمديد الثفل وحدته وتجويفها كثير السعة خاصة الأعور فإنه كالكيس كثير السعة وبعده في السعة المعاء المستقيم أما زيادة سعته فليتسع ثفلاً كثيراً كما قلناه أو لاً وأما أنه أقل سعة من الأعور فلأن الأعور يحتاج أن يجتمع فيه شيء من مادة الغذاء والثفل لينضج فيه كما قلناه فلذلك اقل هذه منفعة هو المعاء القولون.

هذه الأمعاء الثلاثة الأمعاء الغلاظ، كما تسمى تلك الثلاثة الأولى الأمعاء الدقاق. ولما كانت هذه الغلاظ تحتاج أن يكون جرمها أقوى واصبر على خدش الثفل في داخلها جرم شحمي ليمكنها من ملاقاة الثفل فيقل تضررها به والله ولي التوفيق.

البحث الثالث

المخالفة بين المريء والمعاء الاثني عشري

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه والمعاء الاثني عشري ... إلى قوله: وسعتها سعة فمها المسمى بواباً.

الشرح

<<  <   >  >>