وثالثها: أن البراز يندفع إلى المعاء المستقيم جملة لما نذكره من السبب في موضعه فلا تفتقر إلى إبقائه فيه مدة لتجتمع، ولا كذلك البول فإنه إنما يندفع إلى المثانة قليلاً قليلاً على قدر ما ينفصل منه من الكليتين فلو احتيج إلى إخراج كل قذر يحصل من المثانة عند أو ل حصوله لعرض من ذلك تقطير البول كما قلناه.
وهذه العضلات التي في المقعدة أعني الدبر. وهي طرف المعاء المستقيم ويسمى المخرج والسرم، وعددها أربع: إحداها: عضلة لحمية شديدة المخالطة لجلد هذا العضو حتى يجوز تسمية هذا الموضع لحماً جلدياً، ويجوز تسميته جلداً لحمياً. وأكثر جرم هذه العضلة في الأجزاء القدامية من هذا العضو، وإنما خلقت كذلك ليتمكن من عصر طرف هذا العضو عند إخراج الثقل، فيسهل اندفاع ما تبقى في طرفه منه.
وثانيها: عضلة مستديرة فوق هذه بالنسبة إلى طول البدن تحيط بالدبر عرضاً لأجل ضمه إذا تشنجت وتماس في وسطها عظم العصعص وينتهي إلى أصل القضيب، وفائدة ذلك أن يضيق هذا المخرج عند انتصاب القضيب بسبب انجذاب ليف هذه العضلة لانجذاب ما يتصل بالقضيب لأجل زيادة طوله وتمده، وفائدة ذلك أن يكون هذا المخرج عند الجماع شديد الضيق لئلا يخرج ما في المعاء المتصل به من البراز حينئذٍ. وذلك لأن إفراط اللذة يلزمه إفراط تحلل الروح كما عرف من كلامنا السالف ويلزم ذلك ضعف البول، وحصول حالة كالغشي، وهذا يظهر في الجماع كثيراً. لأنه مع إفراط لذته يلزمه استفراغ المني، وهو مضعف بما يلزمه من خروج أرواح كثيرة، فإذا عرض ذلك استرخى البدن، وجميع عضلاته، وإذا استرخت هذه العضلة يتهيأ البراز للخروج فلو لم يكن ليفها حينئذٍ منجذباً بسبب انتصاب القضيب لكان خروج البراز عند الجماع يعرض لأكثر الناس.
ولا شك أن هذا مستقذر ولهذا فإن من يكون شبقه شديداً، وهذه العضلة منه رخوة، فإن ما يعرض له عند الجماع أن يلقي زبله.
وأما العضلتان الباقيتان فهما غشائيتان تنشآن من الأجزاء الداخلة من عظم العانة، ومن عظم الفخذ، ويلتحمان من كل جانب عضلة، ويأخذان على تأريب فائدتهما إقلال المقعدة إلى فوق فلذلك تبرز المقعدة عند استرخائها. وإنما احتيج في هذا الغرض إلى عضلتين، لأن رفع العضو إلى فوق أعسر. والله ولي التوفيق.
الفصل السادس والعشرون
تشريح عضل حركة الفخذ
والكلام في هذا الفصل يشتمل على مباحث: البحث الأول كلام كلي في عضل حركة الفخذ قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أعظم عضل الفخذ ... إلى قوله: والعضل الباسطة لمفصل الفخذ منها عضلة.
الشرح لما كانت العضلات الباسطة للفخذ إنما يتم فعلها عند القيام بإشالة جميع الأعضاء إلى فوق الفخذ، وذلك هو حمل البدن، والقابضة له إنما يتم فعلها بحمل الساق والقدم وجب أن تكون هاتان الحركتان بقوة أقوى من الحركات التي لا يلزمها ذلك كالمبعدة للفخذ والمقربة له.
ولما كان جوهر هذه العضلات متساوياً في اللحمية، فإنما يزيد قوة بعضها على بعض إذا كانت مختلفة المقادير فتكون الكبرى أقوى من الصغرى فلذلك كان عضل الفخذ المحرك له هاتين الحركتين أعظم من العضلات المحركة له باقي الحركات ووجب أن تكون الباسطة أعظم من القابضة لأن تحريك الأعضاء العالية كلها أعسر من تحريك الساق والقدم. ونحن نتكلم في كل واحد من أنواع هذه العضلات في بحث يخصه أن شاء الله عز وجل. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني العضلات الباسطة للفخذ قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه والعضل الباسطة لمفصل الفخذ منها عضلة ... إلى قوله: وأما العضل القابضة لمفصل الفخذ فمنها عضلة تقبض.
الشرح قوله منها عضلة هي أعظم جميع عضل البدن سبب زيادة عظم هذه أن المتحرك بها أعظم من المتحرك بكل واحدة من عضلات البدن، لأن هذه يلزم تحريكها لعظم الفخذ تحريك جميع الأعضاء التي فوقه وليس كذلك عضلات باقي الأعضاء.
قوله: وتجلل عظم العانة والورك، وتلتف على الفخذ كله من داخل ومن خلف سبب ذلك أمران: أحدها: أنها لقوة فعلها تحتاج أن تكون تشبثها بأجزاء كبيرة جداً.
وثانيهما: أن فعلها متفنن، فتحتاج إلى تفنن وضع ليفها وجهات مبدئه ومنتهاه، وهذه تجلل جميع عظم العانة، وأما عظم الورك فإنها تحتوي على أسفله وجنبيه على أن يبلغ الموضع المعرى من اللحم.