واعلم أن نبات هذين الشريانين ليس من التجويف الأيسر بل من الجرم الذي بين بطني القلب لكنهما مع ذلك مائلان إلى التجويف الأيسر حتى يكون تجويفهما متصلاً بذلك التجويف مؤرباً كان النافذ من ذلك التجويف منحرفاً إلى اليمين قليلاً حتى يدخل في تجويفهما، ومعنى كونهما نابتين من هناك لا أنهما ناشئان من هناك كما ينشأ النبات من الأرض كما يقولون، بل أنهما متصلان بذلك الموضع كاتصال النبات وكذلك قولنا في العصب ونحوه إنه ينبت من موضع كذا من النخاع أو من الدماغ إنما نريد بذلك هذا المعنى لا ما والمشهور بين الأطباء كما بيناه في شرحنا للأعضاء.
قوله: واتصال الدم الذي يغذو الرئة إلى الرئة من القلب.
هذا هو الرأي المشهور. وهو عندنا باطل. فإن غذاء الرئة لا يصل إليها من هذا الشريان لأنه لا يرتفع إليها من التجويف الأيسر من تجويفي القلب إذ الدم الذي في هذا التجويف إنما يأتي إليه من الرئة لا أن الرئة تأخذه منه فأما نفوذ الدم من القلب إلى الرئة فهو في الوريد الشرياني الذي نذكره بعد.
قوله: وليكون أطوع ليرشح منه ما يرشح منه إلى الرئة من الدم اللطيف.
هذا أيضاً على الرأي المشهور.
والحق: أنه ليس كذلك، بل ليكون أطوع لقبول ما ينفذ فيه من الدم والهواء الذي يوصله من الرئة إلى القلب. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني
[الشريان المسمى أورطيوهو الأبهر]
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الشريان الآخر ... إلى قوله: وعلى مخرج أورطيأغشية ثلاثة.
الشرح لما كان الدم والهواء النافذان في الشريان الوريدي يجب أن يكونا قليلين. إما على قولهم فلأن ذلك الدم هو والنافذ في الوريد الشرياني لغذاء الرئة وهي عضو واحد. وإما على الحق فلأن ذلك الدم هو والهواء ينفذان إلى التجويف الأيسر من القلب فلو لم يكونا قليلين لزم ذلك اختناق الروح التي في ذلك التجويف فانطفأ الحار الغريزي فلذلك لا بد وأن يكون هذا الشريان صغيراً جداً بالنسبة إلى الشريان الآخر وهو المسمى أورطيلان هذا تنفذ فيه الروح إلى الأعضاء كلها.
ولا بد وأن يكون مع هذا الروح دم رقيق كما بيناه في شرحنا للكتاب الأول فلذلك يجب أن يكون أورطيعظيماً جداً، ولأن ما سوى التجويف الأيسر من القلب فهومحتاج إلى نفوذ الروح إليه، فلذلك لا بد إليه وأن ينفذ في جرم القلب شعبتان إحداهما ظاهرة فلا بد وأن تكون محيطة به وإنما كان كذلك إذا استدارت عليه. وثانيتهما إلى باطنه وذلك هوالبطن الأيمن. وأما الجدار الذي بين البطنين فيكفيه ما يدخل في خلله من الروح التي في البطن الأيسر ويجب أن يكون خروج هاتين الشعبتين من أورطيفإن الشريان الوريدي لتخلخه لا يصلح لتنفيذ الروح إلى غير الرئة، فلا يكواتصالها به، واتصالهما بجرم القلب تلزمه زيادة في الثقوب، وذلك يلزمه ضعف جرم القلب، ولأنه أورطيتنفذ فيه الروح إلى جميع الأعضاء، فلا بد وأن يكون متصلاً بها جميعاً. فلا بد وأن يكون منه ما ينزل إلى الأعضاء التي دون القلب، ومنه ما يصعد إلى التي فوقه، ويجب أن يكون هذا التقسيم إلى قرب صعوده من القلب لأنه لو تأخر عن ذلك كثيراً لكان لهذا الشريان إما أن يأخذ في الصعود فتطول المسافة على الجزء النازل أو في النزول فتطول المسافة على الجزء الصاعد وذلك ضرر لا فائدة فيه. ويجب أن الجزء النازل أعظم من الصاعد لأن الأعضاء التي دون القلب أكبر كثيراً من التي هي فوقه. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث الأغشية التي في مخارج الشرايين قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وعلى مخرج أورطي أغشية ... إلى آخر الفصل.
الشرح إن القلب تخرج منه أربعة عروق. وأما الشريان الوريدي منها فعلى مخرجه غشاءان. وأما الثلاثة الأخر فعلى مخرج كل واحد منها ثلاثة أغشية ونحن قد تكلمنا في هذه الأغشية في كلامنا في النبض كلاماً مختصراً وتمام تحقيق الكلام فيها يأتي في تشريح القلب إن شاء الله تعالى عز وجل. والله ولي التوفيق.
؟ الفصل الثالث
تشريح الشريان الصاعد
قال الشيخ رحمة الله عليه أما الجزء الصاعد.. إلى آخر الفصل.
الشرح