فإذا تشنجت ضمت أطراف الأضلاع المتصلة به بعضها إلى مقاربة بعض، ومنها العضل الذي يجذب الأضلاع الأخيرة إلى أسفل. وإنما كانت العضلات القابضة أقل من الباسطة لأن البسط يفتقر فيه إلى تمديد العظام ومفاصلها وذلك لا محالة عسر فلذلك إنما يتم بقوة أخرى، وأما القبض فيتم بضم العظام إلى مفاصلها، وذلك أسهل من تمديدها إلى خارج لأنه على وفق فعل الأربطة والتمديد على ضد فعلها. ولما كان القبض يتم بضم العظام إلى مفاصلها لا جرم كان وضع عضله بقرب تلك المفاصل.
قوله: فمن ذلك ما يقبض بالعرض، وهو الحجاب إذا سكن القابض حينئذٍ ليس هو الحجاب بل الصدر هو بطبيعته لأن القاسر له على الانبساط إذا بطل فعله عاد هو بنفسه إلى طبيعته. وأما سكون الحجاب فهو شرط لا سبب ولو صح أن يقال إنه يقبض بالعرض لصح أن يقال ذلك في العضلات الباسطة أيضاً فإن سكون كل واحد منهما شرط في انقباض الصدر بالطبع. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث العضلات التي تبسط الصدر وتقبضه قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل التي تقبض وتبسط معاً ... إلى آخر الفصل.
الشرح كل ضلعين فلا بد وأن يكون بينهما عضل يسد الخلل بينهما ويشد كل واحد منهما بالآخر حتى يكون وضعهما محفوظاً موثقاً. وهذا وإن أمكن أن يكون بغير العضل إلا أن العضل أولى لأن لها مع ذلك نفع في فعل الصدر. وهو الانبساط والانقباض وينبغي أن يكون هذا العضل آتياً من فقار الصلب واصلاً إلى عظام القص ليكون ساداً لجميع ما يقع بين الضلعين، ولكن وضع هذا الليف يجب أن يكون في وضعه مخالفاً لو ضع العضل لأن هذا العضل آخذ من خلف إلى قدام. وأما الليف فيجب أن يكون آخذاً من فوق إلى أسفل ليكون واصلاً بين الضلعين.
وينبغي أن يكون سلوكه كذلك بتوريب. فإنه لو كان منتصباً لم يكن قابلاً للتمدد الذي يوجبه بسط الصدر قبولاً سهلاً ضرورة أن يكون حينئذٍ على أقصر الطرق الواصلة بين الضلعين وينبغي أن يكون سلوكه كذلك بتوريب فإنه لو كان منتصباً لم يكن قابلاً للتمدد الذي يوجبه بسط الصدر قبولاً سهلاً ضرورة أنه يكون حينئذٍ على أقصر الطرق الواصلة بين الضلعين وينبغي أن لا يكون كله على وضع واحد بل على وجه مقاطع بعضه بعضاً ليكون بعضه مرتبطاً ببعض فيكون تأليفه قوياً فلذلك تكون هيئته على صورة كتابة السين في كتابة اليونان.
قال جالينوس: وعدد هذه العضلات اثنتان وعشرون عضلة إذ بين كل ضلعين عضلة واحدة، وليس بين الطرفين، وبين غيرها هذا النوع من العضل، وعدد الأضلاع أربعة وعشرون ضلعاً فلذلك تكون هذه العضلات اثنتين وعشرين عضلة.
وأما صاحب الكتاب فقد جعل كل واحدة من هذه العضلات أربع عضلات فيكون عددها ثمانياً وثمانين عضلة. واحتج على ذلك بأن هيئات الليف في كل واحدة منها على أربعة أحوال وذلك لأن كل واحد من هذه كلها أجزاء تلي الصلب. وهو حيث الأضلاع منحدرة من فوق إلى أسفل وجزء يلي القص وهو حيث الرؤوس الغضروفية. والليف في كل واحد من الجزأين ما كان منه إلى خارج الصدر فهو على خلاف هيئة ما هو فيه إلى داخله، فلذلك تكون ألياف ما بين كل ضلعين على أربعة أو جه. فيكون ذلك أربع عضلات.
ونحن نقول: إن الأمر كذلك لا لأن هذه الألياف مختلفة الوضع فقط بل لأن فعلها مختلف أيضاً. وذلك لأن الألياف التي من جهة الصلب ما كان منها إلى خارج الصدر فهو باسط، وما كان منها إلى داخله فهو قابض، والألياف التي من جهة القبض بالعكس، أعني ما كان منها إلى خارج الصدر فهو قابض. وما كان منها إلى داخله فهو باسط، واختلاف الأفعال لا شك في دلالته على اختلاف العضل.
وقال جالينوس: إن مع هذه العضلات زوج صغير يجذب الضلع الأول إلى فوق كما تجذب عضلتان أخريان الضلع العاشر والحادي عشر إلى أسفل، وأما الضلع الثاني عشر فهو خارج من الحجاب ويلتحم بالعضلة الصغيرة من العضل المؤرب الذي على البطن.
وربما رأينا مراراً كثيرة عضلة خاصة صغيرة تجذبها إلى أسفل. والله ولي التوفيق.
الفصل السادس عشر
تشريح عضل حركة العضد
والكلام في هذا الفصل يشتمل على ثلاثة مباحث: البحث الأول العضلات الثلاث الآتية إلى الكتف من الصدر قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه