والثانية: زوج: كل فرد منه مضاعف يتصل أعلاه بالرقبة من قدامها ومنشؤه من أجنحة فقار الرقبة خاصة الثانية منها، وتبلغ إلى الإبط، وتصير إلى الضلع الخامس، وربما ما بين السادس، وملتحم بجزء من الخامس بالضلع الأول الذي هو عند الترقوة وهو إلى الاستدارة مع طول، وله فعل بجزئه المتصل بالرقبة، وهو جذبها إلى قدام، وفعل بالأجزاء المتصلة بالصدر وهو بسطه. وبسط هذا الزوج للصدر ظاهر بين، ولا كذلك تحريكه للرقبة فقط. فلذلك يعد في عضلات الصدر دون عضلات الرقبة وسبب ذلك أنه لما أريد منه بسط الضلع الأول بسطاً ظاهراً احتيج أن يكون متصلاً بالرقبة حتى إذا تشنج جذب ذلك الضلع إلى فوق وقدام فبسطه، وإنما يتم ذلك بقوة قوية فاحتيج أن يكون هذا الزوج عظيماً متصلاً بالرقبة كلها من قدامها، فلزم ذلك أن يكون تشنجه موجباً لانجذابها إلى أسفل. ولم يكن ذلك مقصوداً منه أو لاً، فلذلك لا يكون لها ظاهراً.
قال جالينوس: وهو يحني الرقبة مع تأريب.
أقول: إن ذلك إنما يكون إذا كان المتحرك أحد فردي هذا الزوج، وأما إذا تحركا معاً فإن جذبه للرقبة يكون على الاستقامة، وسبب ذلك أن ليفه يتصل من جانبي الفقرات بالأجنحة وينحدر إلى الإبطين، فإذا تشنج أحد فرديه كان جاذباً للرقبة إلى أسفل وإلى ناحية الإبط. ويلزم ذلك أن يكون جذبه لها مؤرباً. وأما إذا تشنج الفردان جميعاً فإن انجذاب الرقبة إلى أحد الجانبين يبطله انجذابها إلى الجانب الآخر، وإنما لم يمتد هذا الليف من سناسن الفقرات لئلا يلزم عند تشنج أحد الفردين ميل العنق إلى جهة ذلك الفرد ويلزم ذلك ضيق قصبة الرئة، وهو مضاد للغرض من بسط الصدر المقصود بحركة هذا العضل. إذا الغرض من بسط الصدر هو جذب الهواء إلى داخله وضيق قصبة الرئة معسر لذلك والأولى وهي العضلات التي تحرك الصدر وتبسطه وهذه فيها ما فعلها كذلك متفق عليه عند المشرحين. ومنها ما ليست كذلك.
والثانية: هي التي تسمى عضل الترقوة وهي زوج تحت كل ترقوة عضلة خفية إنما تدرك إذا شيلت تلك الترقوة وهي لحمية تتصل بالترقوة وبالضلع الأول.
واتصالها بالترقوة بالجزء الأصغر المتصل منها بالقص وبالجزء الذي يصعد إلى رأس الكتف، وقد وقع في فعل هذا الزوج خلاف بين المشرحين.
والذي ذهب إليه جالينوس، وهو الحق، أنه ليسط الصدر يجذب الضلع الأول الصغير إلى قرب حد الذي أكبر منه والأولي وهي التي بسطها للصدر متفق عليه فمنا زوج.
قال جالينوس فيه: من شاء أن يجعله عاماً للصدر والكتف فله ذلك، ومن شاء أن يجعله خاصاً بالصدر فله ذلك، وذلك لأن هذا الجزء الزوج ينشأ كل فرد منه من قاعدة الكتف، ويمتد على الصدر حتى يبلغ إلى ضلعين من أضلاع الخلف عند قرب منشأ الأجزاء الغضروفية منها، والجزء من هذا العضل الذي عند قاعدة الكتف متوار حتى إنما يرى بعد شيل الكتف وأجزاؤه التي على الصدر غير ملتحمة بل كأنها تنقسم عند كل ضلع إلى عضلة. وهذا الزوج يبسط الصدر بسطاً عظيماً، وذلك بسبب اتصاله بأضلاع كثيرة منه وجذبه لها إلى قدام، وإلى الجانب الوحشي، ومن هذه العضل ما ليس كذلك، فمن ذلك ما يسمى باسم آخر غير العضل وهو الحجاب، وسنذكره في موضعه. ومنها ما ليس كذلك، وهي الزوج الذي ينشأ من الفقرة السابعة من فقار العنق. ومن الفقرة الأولى والثانية من فقار الصدر، ويتصل بأضلاع القص، وللصدر زوجان آخران يبسطانه، أحدهما يبتدئ من الفقرة الثانية من فقار الرقبة ويمتد إلى أضلاع الخلف، ويمر بالموضع المقعر من الكتف. وثانيهما: أصغر من هذا يبتدئ من الفقرة الأولى من فقرات العنق، وتمتد إلى الضلع الخامس، ويمر إلى قدام الكتف. والله أعلم.
البحث الثاني العضلات التي تقبض الصدر قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العضل القابضة للصدر فمن ذلك ... إلى قوله: وأما العضل التي تقبض وتبسط معاً فهي العضل.
الشرح العضل التي تقبض الصدر ولا تبسطه منها ما تنسب إلى البطن وهي الأجزاء العالية من العضلات الشاخصة من عضلات البطن وستعرفها. ومنها ما ليس كذلك فمنها ما هو ممتد مع عضلات الصلب عند أصول الأضلاع وهذه إذا تشنجت جمعت هذه الأصول بعضها إلى مقاربة بعض وشدتها، ومنها ما هو ممتد في جنبي عظام القص من داخل من أو له إلى آخره.