للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعضلة الخامسة تنشأ من الأجزاء السفلية من الضلع المنخفض من أضلاع الكتف وتلتحم بالعضلة العظيمة الصاعدة من الفقار الذي عند أضلاع الخلف التحاماً طويلاً وذلك في المواضيع الأنسية من العضد فهذه عضلات تحرك عظم العضد عند هذا المفصل وله عضلة أخرى ذات رأسين. فيكون جملة عضله إحدى وعشرين عضلة سوى العضلة الصغيرة التي زادها بعضهم. والله ولي التوفيق.

[الفصل السابع عشر]

تشريح عضل حركة الساعد والكلام في هذا الفصل يشتمل على ثلاثة مباحث: البحث الأول قول كليّ في العضل المحركة للساعد قبضاً وبسطاً قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه العضل المحركة للساعد ... إلى قوله فالباسطة زوج أحد فرديه.

الشرح قد علمت من كلامنا في العظام أن هذا المفصل له حركة انقباض وانبساط وحركة انكباب وانبطاح. وهذه الحركات إرادية إنما تتم بالعضل، فيجب أن يكون لهذا المفصل عضلات تحركه هذين النوعين من هذه الحركة، ويجب أن تكون المحركة قبضاً وبسطاً موضوعة على العضد حتى يكون قبضها بجذب الساعد إلى مقاربته وبسطها بجذبه إلى مباعدة، ويلزم ذلك أن يبقى منبسطاً.

ويجب أن يكون لكل واحدة من هاتين الحركتين عضلتان، إذ لو كان لو احدة منهما عضلة واحدة لكانت تلك العضلة إما أن توضع في جانب من العضد أو في وسطه. فإذا كان الأول كان انجذاب الساعد إلى جهة ذلك الجانب أكثر فلا يكون الانقباض أو الانبساط مستوياً. وأيضاً يكون ثبات الساعد إلى جهة ذلك الجانب أكثر فلا يكون الانقباض أو الانبساط حينئذٍ على تلك الهيئة غير قوى. إذ تلك العضلة لا تكون حينئذٍ مانعة من حركة الساعد إلى أحد الجانبين منعاً قوياً. فإذا كان الثاني كان ثبات الساعد حينئذٍ عند انقباضه أو انبساطه على هيئته ضعيفاً لأن الجذب المحاذي للوسط في القرب أو البعد غير شديد المنع للميل إلى أحد الجانبين فيجب أن يكون لكل حركة عضلتان ويجب أن يكون تحريك كل واحدة على توريب إذ المستقيم لا يمنع الميل إلى الجانبين منعاً قوياً، ويجب أن تكون الجهة التي إليها ميل توريب كل عضلة مضادة لجهة توريب نظيرتها فتكون إحدى القابضتين مثلاً تميل إلى الجانب الأنسي، والأخرى تميل إلى الجانب الوحشي ليكون لكل واحد من الميلين مانعاً من الآخر متقاومان ويبقى الساعد حينئذٍ مستقيماً في انقباضه، وكذلك في انبساطه، ويجب أن يكون وضع كل واحدة من هذه العضلات إلى جانب من العضد يكون ثبات الساعد على حاله في الانقباض والانبساط أقوى لأن تعثر الميل حينئذٍ إلى الجانبين أكبر ويجب أن تكون هذه العضلات كلها متصلة بعظام الساعد وإلا لم يمكن جذبه، ويجب أن يكون اتصال كل واحد منها بالزند المخالف لجهتها ليتحقق الجذب المؤرب. ويلزم ذلك أن يكون وضع كل واحدة منها مؤرباً عند طرفها الذي يلي الساعد، ويجب أن تكون هذه العضلات الأربع بجملتها مجللة للعضد لئلا يبقى جزء غير مستور باللحم ولذلك يجب أن يكون على طول العضد، وها هنا سؤال وهو أنه لقائل أن يقول: إن حركات هذا المفصل أكثر من حركات مفصل العضد مع الكتف إذ في أكثر الأمر يكون ذلك المفصل ساكناً، واليد متحركة، وإذا كان كذلك، وجب أن تكون عضلات هذا المفصل أكثر عدداً من عضلات مفصل العضد مع الكتف ولا أقل أن تكون مساوية لها.

وجوابه: أن الأمر ليس كذلك. وذلك لأمرين: أحدهما: أن العضلات إما أن يلزم أن تكون متكثرة بتكثير الحركات إذا كانت تلك الحركات متكثرة بالنوع، وأما إذا كانت متكثرة بالوجود فقط لم يلزم ذلك إذ قد تكون بعضلات قليلة العدد، شديدة القوة، وهذا المفصل وإن كانت حركاته توجد أكثر من حركات مفصل العضد مع الكتف فأنواعها أقل لأن العضد له أن يتحرك إلى كل واحدة من الجهات التي تعرض على محيط نقرة الكتف ولا كذلك ها هنا.

وثانيهما: أن مفصل العضد مع الكتف احتيج أن يكون عنده لحم كثير ليفي يستر عظم الكتف وحشو الخلل الواقع بين المثلث على ظهره، وبين كل واحد من الضلعين الجنبيين، وذلك لئلا يبقى تسطيح الظهر مختلاً، وأولى اللحم بذلك لحم العضل لأنه مع نقصه في ذلك ينفع في حركة العضد بحسن وجاز أن يكون العضل هناك كثيراً، ولا كذلك ها هنا، فإن هذا العضل لو كان ها هنا كثيراً، لثقل العضد، وغلظ جداً، فكان تحريكه عسراً والله أعلم.

البحث الثاني

<<  <   >  >>