وثانيها: أن هذا المعاء مع أنه من الغلاظ فإن هضمه أقوى من هضم جميع الأمعاء غليظها ورقيقها، وإنما كان كذلك لأنه مع قربه من الكبد فإن الغذاء فيه ثابت لا يتحرك من موضع إلى غيره، وذلك أقوى الأسباب على قوة الهضم فلذلك في هذا المعاء يتم هضم جميع ما فات المعدة إتمام هضمه فلذلك نسبته إلى الأمعاء الغلاظ الأخر كنسبة المعدة إلى الأمعاء الدقاق.
وثالثها: إنه مع أن الثفل يدوم فيه مدة طويلة فإنه شديد الإعانة على دفعه جملة وذلك لأن الشيء القليل قد يعسر دفعه بطريق العصر بخلاف الكثير المجتمع فإن جرم العصر يتمكن منه أكثر من تمكنه من القليل المتفرق. وباقي ألفاظ الكتاب ظاهرة. والله ولي التوفيق.
فصل
تشريح الكلية
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه حلقت الكلية آلة تنقي الدم ... إلى قوله: فيأتيها شريان له قدر من الشريان الذي يأتي الكبد.
[الشرح]
إن بقاء لبدن بدون الغذاء محال واغتذاؤه إنما يمكن بعد فعل الكبد في الغذاء وإنما يمكن ذلك بأن يكون الغذاء ينفذ في الكبد في عروق شديدة الضيق جداً لتكون الكبد كأنها بجميع أجزائها ملاقية للغذاء فيكون فعلها فيه أتم وأقوى وأسرع ونفوذ الغذاء في تلك العروق إنما يمكن بأن يترقق قوامه جداً وذلك إنما يمكن بأحد أمرين: