للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما التعريج الذي للنساء فليمكن الفرج من البروز عند الجماع، ولما كان هذا البروز يسيراً لا جرم كفى من تعريج واحد، والمجاري الثلاثة تتحد عند رأس القضيب لأنها لو بقيت نافذة إلى طرفه لبقي له ثلاثة أبخاش ظاهرة وكان ذلك معرضه لكثرة التضرر بنفوذ ما عسى أن ينفذ فيها، فلذلك احتيج إلى اجتماع تلك المجاري جميعها عند رأس القضيب فلا يدرك فيه هناك سوى منفذ واحد، والقضيب في جميع الماشية يبرز عند الانتشار ويختفي عند الاسترخاء إلا في الإنسان فإنه يطول ويغلظ عند الانتشار ويقصر ويدق عند الاسترخاء وسبب ذلك أن جميع الماشية فإن المسافة ما بين صلبها وظاهر بطنها أكثر كثيراً مما بين جوانبها فتجد القضيب ما بين الصلب ومقابله مسافة كثيرة ويتسع له عند الاسترخاء فلذلك بقيت في تلك المسافة لأن ذلك أو فى له.

وأما في الإنسان فإن المسافة بين صلبه ومقدم بدنه أقل كثيراً مما بين جانبيه فتقصر مسافة ما بين خلفه وقدامه عن اختفاء القضيب فيها، وانتشار القضيب هو لأجل ما ينفذ في عروقه وأعصابه وأربطته من الروح الشهو أني والرياح التي تكون في العروق وأرواح كثيرة حيوانية، ولأجل نفوذ هذه الروح إليه ينفذ فيه دم كثر شرياني فإن هذه لروح لا تخلو عن مصاحبة الدم الشرياني لها ولأجل كثرة الدم وكثرة الأرواح يعرض له أن يسخن كثيراً. وألفاظ الكتاب غنية عن الشرح. والله ولي التوفيق.

فصل

تشريح الرحم

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه نقول إن آلة التوليد ... إلى قوله: يهتكها الإفضاض ويسيل ما فيها من دم.

[الشرح]

قد علمت أن تكون الإنسان ونحوه بالتوالد إنما يمكن بأن يكون تكونه في عضو موضوع في داخل البدن في أسفله ليكون في جهة توجه الفضول المندفعة إليه ليغذوه وهي دم الطمث. وهذا العضو لا بد من أن يكون ذا أمور: أحدها أنه لا بد من أن يكون هذه الفضول التي تصلح لإمداده يكثر نفوذها إليه وذلك ليقوم بغذائه وتتم المادة التي منها يتكون وإنما يمكن ذلك بأن يكون ذلك العضو من شأنه قبول اندفاع دم الطمث إليه ودم الطمث هو فضلة رطوبات الأم. وهذه الفضلة لا يختص إندفاعها من عضو واحد بل هي مندفعة في جميع الأعضاء وإنما يمكن أن يكون اندفاعها إلى عضو ما إذا كان ذلك العضو يأتيه عروق تتحرك فيها تلك الفضلة من جميع الأعضاء إليه فلا بد من أن تكون العروق الآتية إلى هذا العضو آتية إليه من جميع الأعضاء فلذلك لا بد من أن تكون كثيرة جداً، ولأن الجنين إنما يمكن تكونه بأن تتصرف فيه قوى كثيرة، وإنما يمكن ذلك بأن تأتيه أرواح كثيرة والأرواح إنما تأتي الأعضاء في الشرايين فلذلك هو العضو لا بد من أن يأتيه شرايين كثيرة.

وثانيها: أن هذا العضو لا بد من أن يكون جرمه قوياً ليقوى على ضغط الجنين وتوقيه من جميع الواردات، ولا ينخرق بقوة تمديد الجنين له إذا عظم ولا بد من أن يكون هذا العضو مع قوة جرمه ليس بكثير الثخانة جداً وإلا كان يزاحم بقية الأحشاء والعضو الذي هو مع قوته قليل الثخانة هو الغشائي فلا بد من أن يكون جوهر هذا العضو غشائياً ولا يمكن أن يكون من غشاء واحد لأن هذا العضو يحتاج أن يكون ظاهره صلباً ليقوى على الأعضاء المجاورة له ودفعها أمامه ليتسع المكان عند عظم الجنين، وأما ظاهره فيجب أن يكون شديد اللين لأنه يلاقي الجنين والجرم الواحد لا يمكن أن يكون أحد سطحيه أصلب من الآخر إلا إذا كان ثخنه كثيراً، وذلك غير ممكن في الرحم. وإلا كان يلزم أن يكون جرمه عظيماً جداً فلذلك الرحم لا بد من أن يكون جرمه من غشائين: أحدهما في داخل الآخر، ولا بد من أن يكون الداخل كثير العروق جداً لأنه هو الذي يلاقي الجنين والغشاء الظاهر إنما هو ليقوم حمل العضو ولذلك يحتاج أن يكون الغشاء الباطن كثير العروق جداً ليفي بإيصال الغذاء والنسيم والروح إلى الجنين.

<<  <   >  >>