هيئة العضلات التي بها انقباض الساعد وانبساطه قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه فالباسطة زوج أحد فرديه ... إلى قوله: وأما الباطحة للساعد.
الشرح أما الزوج القابض فيجب أن يكون موضوعاً على مقدم العضد. ليكون جذبه للساعد إلى ملاقاته فيكون ذلك الانجذاب أسهل، ويجب أن يكون أحد فرديه آخذاً من أنسي مقدم العضد إلى الزند الأعلى كما قلناه. ويكون الآخر آخذاً من وحشي ومقدمه إلى الزند الأسفل، وذلك ليكون الجذب مؤرباً كما أو حيناه، ويجب أن يكون الموضوع على الأنسي أعظم وأقوى، لأن الحاجة إلى ميله إلى الوحشي لأن اليدين عند الانقباض المائل إلى الأنسي يكون إحداهما مقبلة على الأخرى وذلك أحسن أو ضاعهما في التعاون على تحريك الشيء الواحد. وهذه الكثيرة القابضة تشاهد محتوية على مقدم العضد، ويبتدئ أو لاً: من الزيق العالي من زاوية الكتف، ومن الزائدة الشبيهة بالمنقار، واتصالها بالزيق برباط قوي مستدير، واتصالها بالزوائد الشبيهة بالمنقار برباط دقيق شديد الاستدارة ثم تكثر فيها الأجزاء اللحمية، وتماس العضد إلى نصفه ثم تعلو على الفرد الآخر راكبة عليه، فإذا بلغت المرفق اتصلت بالزند الأعلى، فإذا تشنجت جذبت ذلك الزند إلى مقاربة أنسي مقدم العضد. ويلزم ذلك أن يكون ذلك الانقباض مؤرباً إلى الأنسي، وأما العضلة الأخرى فتبتدأ من العضد وحده لأن جذب الأولى لما احتيج فيه أن تكون أقوى كانت محتاجة إلى ما تستند إليه من العظام أكثر وابتداؤها من خلف رأس العضد. ومن هناك تمتد في الجانب الوحشي وتصير بتأريب إلى قدام وتلتحم بالزند الأسفل آخذة تحت العضلة الكبيرة، وإنما كان كذلك لأن هذه لو جعلت من فوق لكانت معرضة للانقطاع والتضرر عن المصادمات مع صغرها ولأن وضع الزند الأعلى أرفع فيكون ارتفاع المتصل به أولى.
وأما الزوج الباسط فأحد فرديه يبتدئ من تحت مقدم رأس العضد، ويبتدئ الآخر من الضلع المنخفض من أضلاع الكتف من منتصفه ثم يتحدان حتى قد يظن أنها عضلة واحدة، وباقي هذا الزوج كما قلناه في الزوج الأول.
قوله: من الزيق الأسفل من الكتف الظاهر أن هذا وقع غلطاً من النساخ، والصواب أن يقال من الزيق الأعلى لأن ذلك هو المحاذي لمقدم العضو. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث هيئة العضلات التي بها انبطاح الساعد وانكبابه قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الباطحة للساعد فزوج ... إلى آخر الفصل.
الشرح أما العضلة الطويلة الرقيقة المتصلة بالعضد فإيجابها لحركة الانبطاح فظاهر، وذلك لأن هذه تبتدئ من الجزء الأعلى من رأس العضد أعني الرأس الذي عند المرفق بما يلي ظاهر العضد، ويمتد إلى حد تقارب الرسغ، وهناك يتصل بالجزء الباطن من الزند الأعلى، ولا شك أن البعد المؤرب أطول من المستقيم. فإذا تشنجت هذه العضلة قصرت فلم تف بالتوريب واضطرت إلى أن تكون مستقيمة، وإنما يمكن ذلك بأن يصير الجزء الذي ينتهي إليه من الزند الأعلى مسامتاً للجزء الذي يبتدئ منه من رأس العضد، وإنما يمكن ذلك بأن تتسطح اليد على ظهرها حتى يصير باطن الكف عند بسطه متجهاً إلى فوق وإنما أمكن ذلك بسبب اتصال هذه العضلة بالعضد، واتصال الساعد عنه بمفصل يتمكن أحد عظميه من الآخر دون الآخر، وهو المرفق حتى يتمكن عند تشنجها تحريك الساعد إلى تلك الهيئة. فلذلك العضلة الأخرى لم يكن لها اتصال بالعضد لم يمكن أن تكون فاعلة لهذه الحركة لأن تشنجها حينئذ إنما تلزمه قوة ارتباط الزند العالي بالسافل، وشدة التلازم بينهما. ولا تلزمه هذه الحركة البتة إذ ليس لأحد الزندين أن يتحرك وحده البتة.
فلذلك إذا لم يكن لهذه العضلة اتصال بالعضد فإنما يكون لها فائدة إلا أنها تشد الارتباط بين الزندين فقط، وإذا عرفت هذا في العضل الباطحة فالأمر في العضل المكبة كما في هذا بعينه، فإن العضلة القصيرة إذا لم يكن لها اتصال بالعضد لم يكن لها فعل في الكتف البتة بل ليكون فعلها موثق ارتباط أحد الزندين من الجهة المقابلة للجهة المذكورة مع الباطحة.
الفصل الثامن عشر
تشريح عضل الرسغ
والكلام في هذا الفصل يشتمل على بحثين: البحث الأول العضلة الباسطة للرسغ قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه