قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه فأما الحلقوم جملة ... إلى آخر الفصل.
الشرح لفظ الحلقوم يقال عند الأطباء على قصبة الرئة، وليس ذلك المراد ها هنا، فإن العضل المذكور ها هنا ليس هو عضل قصبة الرئة. وقد يقال على المجتمع من قصبة الرئة والحنجرة إذ الحنجرة هي طرف الحلقوم ورأسه فتكون من جملته، وهذا هو المراد ها هنا. والعضل المذكور له ها هنا هو في الحقيقة عضل الحنجرة، وهو الزوجان اللذان ذكرناهما في تشريح عضل الحنجرة.
والثاني منهما: هوا لذي ذكر أنه يصحب الزوج الأول في كثير من الحيوان.
وأما لفظ الحلق فالمراد به العضو المشتمل على الفضاء الذي فيه مجرى الطعام والنفس وفائدة النغانغ منع تسخين ذلك المكان، وإدفائه حتى لا يتضرر ببرد الماء والهواء الواردين، هو أن يكون المكان هناك ضيقاً ولذلك فائدة الصوت والازدراد.
أما الصوت فليكون الهواء الخارج من فضاء الحنجرة خارجاً إلى مكان ضيق فيكون ما يحدث عنه من القرع أكبر، ونظير ذلك من المزمار الطرف الضيق الذي في أعلاه الذي ينتهي إليه الفضاء الواسع الذي دونه. وأما فائدة ذلك للازدراد فلأنه يعين على سهولة نزول الطعام إلى فضاء المريء لأن المكان هناك لو كان متسعاً لكان الطعام قد يقع على حافات فم المريء فيعسر نزوله فيه.
وقد حذف الشيخ ها هنا عضلات قصبة الرئة فينبغي أن نشير إليها إشارة حقيقية فنقول: لما كانت قصبة الرئة مخلوقة لأجل التنفس، ولأجل الصوت وكان الصوت يختلف في ثقله وحدته باختلاف منفذ الهواء الفاعل له في سعته وضيقه وجب أن يكون بهذه القصبة تمكن من التضييق، وذلك إذا أريد تحديد الصوت كما قد يستعمل لذلك حينئذٍ في الآلات الصناعية واليراع المعروف بالزير ومن الاتساع وذلك إذا أريد تثقيل الصوت أو تعظيمه جداً كما قد يستعمل لذلك حينئذٍ من الآلات الصناعية اليراع المعروف بالبم وإنما يمكن ذلك كما قلنا مراراً بأن يكون هناك عضل تحركها هذه الحركات لكنها قد خلقت على السعة التي قلما يحتاج الإنسان لذلك إذا أزيد منها فلهذا خلق لها عضل التضييق فقط، وهي عضلات أربع: اثنتان منها تأتيان من الطرف الأسفل من العظم المنتصب الذي في العظم اللامي وينزلان على طول القصبة ملتحمين بالقص من داخل. وقد يتوهم أنها أربع عضلات والاثنتان الأخريان أصغر من هاتين، وتأتيان من الأجزاء السفلية من الغضروف الدرقي، وتنتهيان أيضاً عند القص محتويتين على القصبة من الجانبين.
وهذه العضلات إذا تشنجت جمعت أجزاء القصبة وضمتها وانجذب لذلك ما يتصل بكل زوج منها.
أما الزوج الأول فضلع العظم اللامي.
وأما الزوج الثاني فالغضروف الدرقي.
وكلاهما ينجذبان حينئذٍ إلى أسفل. وإنما احتيج إلى تكثير هذه العضلات لأن جرم القصبة لصلابته إنما يمكن انضمامها عن قوة قوية تفتقر إلى عضلات كثيرة. وإنما احتيج أن تكون هذه العضلات متشبثاً بعضها بالعظم اللامي وبعضها بالغضروف الدرقي، لأن الحاجة إلى تضييق الحنجرة إنما يكون في الأكثر إذا أريد تحديد الصوت وذلك محوج إلى تقصير المنفخ فجعلت هذه العضلات مع أنها مضيقة للقصبة هي أيضاً مقصرة لها تجذب الغضروف الدرقي والعظم اللامي إلى أسفل. والله ولي التوفيق.
الفصل الثاني عشر
تشريح عضل العظم اللامي
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما العظم اللامي ... إلى آخر الفصل.
الشرح إنا قد تكلمنا في هذه العضلات عند تشريحنا لهذا العظم. إذ وقع ذلك بسبب أننا تكلمنا هناك في الأشياء التي ترتبط بها، ومن جملتها هذه العضلات. والله ولي التوفيق.
الفصل الثالث عشر
تشريح عضل اللسان
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أما العضل المحرك للسان ... إلى آخر الفصل.
الشرح إن لسان الإنسان ونحوه يحتاج إلى حركات متفننة. أما الإنسان فلأجل الكلام ومضغ الطعام. وأما غير الإنسان فإنما يحتاج إلى ذلك لأجل الطعام فقط. ولذلك وجب أن يكون للسان الإنسان عضلات تحركه الحركات التي يفتقر إليها في ذلك. ويجب أن يكون منشأ كل واحدة منها من الموضع الذي هو أجود لها.
فالزوج الذي ينشأ من الزوائد السهمية ينشأ من قواعد تلك الزوائد، وهو دقيق طويل يتصل به كل فرد منه بجانب من اللسان، ويحركه حركة مؤربة فيعرضه بذلك.