وثانيتها: لأن هذه العضلات تدعم الحجاب عند إخراج النفس وهو المراد بالنفخ، وذلك عند الانقباض، وذلك لأن هذه العضلات إذا انقبضت حينئذٍ أعانت الحجاب على انقباض الصدر، ودعمته أي قوته على هذه الحركة. وإنما احتيج إلى ذلك لأن تحريك الصدر عسر بسبب وثاقة مفاصل عظامه، وإنما احتيج إلى هذه المعونة في الانقباض دون الانبساط لأن عضلات انقباض الصدر أقل من عضلات انبساطه على ما بيناه هناك.
وثالثتها: إن هذه العضلات تسخن المعدة والأمعاء بإدفائها. وإنما احتيج إلى ذلك لأن المعدة مع كونها مطبخ الغذاء يكون الغذاء فيها مجتمعاً فيكون انفعاله عسراً ومع ذلك فإنها تحتاج أن تكون كثيرة العصب لأجل شدة حاجتها إلى قوة الحس لأجل الجوع وأن تكون حرارتها غير مفرطة لأن ذلك مانع من الشهوة المقصودة من المعدة. وأما الأمعاء فلأن جرمها عصبي وهي مع ذلك محتاجة إلى قوة الهضم ليكمل هضم ما فات المعدة هضمه.
أقول: ولهذه العضلات منافع أخر: إحداها: أن يكون لجرم البطن ثخانة فيقل تضرر الأحشاء التي فيه من الحر والبرد.
وثانيتها: أن يكون جرم محيط هذا التجويف قوياً فلا تقوى الرياح التي تحدث فيه والامتلاءات المحدودة له على خرقه، ولتكون الأحشاء في ركن وثيق.
وثالثتها: أن يكون البطن مناسباً للصدر في كثرة اللحم عليه، فتكون صورة البدن أحسن. ولا كذلك لو كان بغير تكون هذه العضلات فإنه حينئذٍ كان يكون مهزولاً قحلاً، ويجب أن تكون هذه العضلات ممتدة طولاً وعرضاً وورباً من الجانبين لأن هذا التأليف أو فق في نفسه وأوفق في قوة ضمه لما في داخله، ويجب أن يكون الطول أكثر لحمية لأنه فوق المعدة والأمعاء المحتاج فيهما إلى الإدفاء كما قلناه. ويجب أن يكون العرضي تحت الكل لأنه هو المقاوم لتمديد الأحشاء فيجب أن يكون بالقرب منها، وأن يكون المؤرب أعلى الكل ليكون الطولي ملاقياً للعرضي فيكون مقوياً له شديد الحفظ لو ضعه، وإنما كان هذا في الطولي أكثر من المؤرب لأن المؤرب لا ينافي ميل أجزاء العرضي إلى فوق وأسفل منافاة كثيرة بخلاف الطولي. ويجب أن تكون هذه العضلات عند المقاطع أقل لحمية لئلا يكون لذلك الموضع نتوء مستقبح. والله ولي التوفيق.
الفصل الثاني والعشرون
تشريح عضل الأنثيين
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أما للرجال....إلى آخر الفصل.
الشرح أما للرجال ففائدة هذه العضلات فيهم أربع فوائد: إحداها: أن يتعلق بها الأنثييان، وإنما لم يتعلق بأجسام غشائية ونحوها لأن الغشاء بارد وضار بالمني، ولا كذلك العضلات فإنها نافعة في توليده، وتمام نضجه بإسخانها للأنثيين بما فيها من اللحمية، ويمكن أن نجعل هذا منفعة أخرى والانتفاع بهذا المتعلق غير موجود للنساء.
وثانيتها: أن تكون هذه العضلات وقاية للأنثيين من البرد والحر ونحوهما، وهذا أيضاً غير محتاج إليه في النساء.
وثالثتها: أن هذه العضلات تعين على خروج المني بعصرها للأنثيين عند وقت الحاجة إلى الإنزال، وهذا موجود للنساء أيضاً.
ورابعتها: أن يكون للأنثيين حركة إرادية ليكون عند الإنزال على الموضع الذي يسهل ذلك معه، وهذا لا يحتاج إليه في النساء فإن لهن أنثييهن مدفونة فلا يعرض لهما من الأوضاع ما يخرجهما عن الوضع الموافق لخروج المني.
وأما السبب في بروز أنثيي الرجال، واندفانهما في النساء فقد بيناه أو لاً. وهو أنه لولا ذلك لما أمكن النسل لأن تولد الجنين إنما يتم إذا كان حصول المنيين في الرحم في أو قات متقاربة جداً، وإنما يمكن ذلك بأن يكون الحال كما هو في الواقع وذلك لأن مني الرجال سريع الحركة، ومني المرأة قليل الحرارة بطيء الحركة، ولولا اندفان أنثييها لكان إنزالها بطيء جداً، ولولا بروز أنثثي الرجال لكان إنزالهم يسرع جداً، فلا يتفق الإنزالان في وقت واحد ولا في وقتين متقاربين فكان يتعذر الإحبال. والله ولي التوفيق.
الفصل الثالث والعشرون
تشريح عضل المثانة
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وعلى فم المثانة ... إلى آخر الفصل.
الشرح عبارة الكتاب في هذا ظاهرة، ولكن ها هنا بحث وهو أنه ما السبب في جعل خروج البول والبراز إرادياً؟